شجاعة الغفران
منذ فترة، بدأَتْ زميلةُ زوجي في العمل تتَّهِمُهُ بأنّه مُرتشٍ، مع أنّه من الأشخاص المشهود لهم في العمل بالأمانة والإخلاص ومراعاة الله في رزقه والسير عكس التيّار بالرغم من العروض الكثيرة التي تُقَدَّم له.
ولم تكتفِ بذلك، إنّما راحت تتكلّم أيضًا عن علاقةٍ بينه وبين إحدى الفتيات، مع العلم أنّنا نهتمّ معًا أنا وزوجي بشؤون تلك الفتاة، ونحاول مساعدتها على تخطّي المشاكل نظرًا للظروف الصعبة التي تمرّ بها هي ووالدها.
كلامُ تلك الزميلة في العمل لم يستطع أن يؤثّرَ على علاقتي بزوجي. لكن، ما أحزنني هو أنّها لوّثتْ سمعته في مكان عمله، فأضحى ضروريًّا تبرير تصرّفاته والردّ على تساؤلات الزملاء، دون التحدّث طبعًا عن سيرة تلك الفتاة وقصّتها، فهذا مرفوضٌ بالنسبة لنا.
تضايقتُ كثيرًا من زميلة العمل تلك، وأصبحتُ لا أستطيع التعامل معها ولا حتّى سماع صوتها، كما كنتُ أنصح زوجي بالحذر في تعامله معها، ونحن على أتمّ العِلم بظروفها هي الأخرى، لقد نشأتْ في أسرةٍ مفكّكة ولديها مشاكلها الخاصّة داخل أسرتها.
شاءت الظروف أن نلتقيَ مجدّدًا في إحدى الرياضات الروحيّة. كيف سأتعامل معها وأنا غيرُ قادرة على رؤيتها أو سماع صوتها؟! ولكن، وعلى غير المتوقّع، وجدتُ نفسي أبادر بمحبّتها، أهتمّ بها وأبتسم لها، ممّا منحني سلامًا داخليًّا عظيمًا. رحتُ أتعاطفُ معها وأجد لها الأعذار، فلربّما ظروفُها هي التي دَفعتْها لفِعْلِ ما قامت به، ولو كان باستطاعتي حلُّ مشاكلها لما تَرَدَّدت.
روح الجماعة في ذلك اللقاء أعطاني الدفعَ والشجاعة ليس فقط لعيش الغفران، إنّما للمشاركة أيضًا بخبرتي هذه.
ها إنّ الحواجز قد كُسرَت وها إنّي على أتمّ الإستعداد لأن أحبَّ من جديد، ومن ثمار محبّتي ليس فقط تخطّي المشكلة وحسب، إنّما عودة الحياة إلى صفائها ومجاريها.
ف.ه.
Spread the love