هكذا، تستعدّ لجنة المرأة في مجلس كنائس مصر للقائها السنويّ وذلك في ۱۸ مارس ٢٠٢۳. كان ليَ الحظّ أن ألتقيَ برئيسة اللجنة، السيّدة فيفيان ظريفه، وأحاورها، فأطلعكم على أجواء تحضيرات هذا اليوم المنشود. بالحقيقة، دفعني فضولي من جهة، وغيرتي على الوحدة وإبرازها من جهةٍ أخرى، لمبادرتها ببضعة أسئلة:* كيف يتمّ الاستعداد والتحضير لهذا اللقاء؟
تُسعفنا في استعداداتنا وسائلُ التواصل الإجتماعيّ التي نستعين بها لوضع الأفكار الأوليّة، ثمّ نلتقي لدرس كيفيّة تنفيذها ووضع اللمسات الأخيرة. تُبدي كلّ سيدة رأيها، فنتشارك أفكارنا ونتشاور بأدقّ التفاصيل مستعدّات أن نصغيَ لبعضنا البعض حتّى آخر لحظة، فتكتمل الصورة النهائيّة رويدًا رويدًا، ونحصد ثمرة عملنا الجماعيّ. تتوزّع المسؤوليّات ونتساعد دائمًا. وما يجدر ذكره هنا أنّه، كلّما تقابلنا، لمسنا لمس اليد روح المحبّة التي تجمعنا. فنحن لسنا بكنيسةٍ تعمل إلى جانب كنيسةٍ أخرى، بل نحن فريقُ عملٍ متماسكٍ، بقلبٍ واحد، والدليل على ذلك أنّنا وبشكلٍ تلقائيّ، نسأل عن بعضنا البعض باستمرار، فكلّ مناسبةٍ وكلّ ظرفٍ هو محطّة لقاء. مشاركةٌ حقيقيّةٌ وروح محبّة، ومداعباتٌ وأوقاتٌ طريفة تزيّن عملنا الجماعيّ وتدلّ على روح العائلة التي ترسّخت في ما بيننا. حين لا تتمكّن إحدانا بموافاتنا للقاء، نتّصل لنطمئنّ عليها، ولنخبرها بما حصل ونستمع إلى رأيها، فلكلّ واحدةٍ بصمتُها. تواصلٌ إذًا وشركةٌ نعيشها في أدقّ تفاصيل الحدث الذي نستعدّ له.
* ما الذي سيجري يوم ۱۸ مارس؟
سنكرّم الأمّهات لأدوارهنّ ورسالتهنّ، ثلاثةٌ من كلّ كنيسة، يختارهنّ الأسقف أو الأب الكاهن. كلّ أمٍّ تستحقّ التكريم، وكلّ امرأةٍ أو سيّدةٍ تستحقّ التكريم، فالمرأة تاجٌ يُزيّنُ أهلَ بيتها. دعيني أقول إنّه مهما حاولنا أن نكرّم المرأة، يبقى تكريمنا رمزيًّا إزاء ما تقدّمه هي من كفاح وعطاء. ولكن، رجاؤنا هو بإدخال الفرح لهنّ ولعائلاتهنّ.
لقاؤنا بعنوان “نبع العطاء”، وهو يريد أن يشهد على أن الأمّ نبعٌ يفيض على الدوام، فهي لن تجفّ يومًا في عطائها وبذل ذاتها، بل سوف تبقى مشاعرها وتضحياتها فيّاضةً لا تنضب. والنبع مذكورٌ في الكتاب المقدّس ويذكّرنا بعطايا الربّ الكثيرة.
إغرورقت عيناها بالدمع تأثُّرًا لما كانت تخبرني به بعفويّةٍ وتلقائيّة، لكأنّ قلبَها على كفّ يدها، تقدّمُه لي ولكم قرّاءنا الأعزّاء، حتّى تشهد كم هو جميلٌ أن نعمل معًا في حقل الربّ ونشهد لحبّه فنحتفل بالأمّ، هي التي تعرف كيف تقدّم ذاتها قربان حبّ. تأثّرتُ وتابعتُ سائلة:
* كنتِ عضوًا في لجنة المرأة التي أنت رئيستها اليوم، وقد اختبرت حدثًا كهذا من قبل. ما الذي يبقى في قلبك بعدها؟لا أستطيع أن أصف لك مدى سعادتي كوني في لجنة المرأة، وفرحي بتحضير هذا الحدث مع باقي أعضاء اللجنة، لكأنّها شهبُ محبّةٍ من نارٍ نودُّ أن نقدّمها للجميع. هذا اليوم يجب أن يكون مميّزًا بحضور كلّ أمرأة في المجموعة، سواء كانت من أعضاء اللجنة أو من المكرّمات أو المدعوّات. هنّ أمّهات في الكنيسة، وأيّة سعادةٍ تخفق في حنايانا كلّما زرعنا الإبتسامة على وجه كلّ واحدةٍ منهنّ، لربّما من بينهنّ من يخبّىء حزنًا في داخله، أو تعبَ حياةٍ شاقّة، فالتكريم سوف يساهم بإعطائهنّ ما يليق بهنّ، فيدخل الفرح إلى قلبهنّ ليبقَ أريج ذكراه يعطّر أيّامهنّ. * هناك جمعيّات ومؤسّسات تكرّم المرأة بشكل عام، والأمّ بشكلٍ خاصّ. ما هو الإضافيّ التي يقدّمه مجلس كنائس مصر من خلال لجنة المرأة؟
الكنيسة تقدّم أمرًا خاصًّا، تزرع سلامًا في نفوس أبنائها وتذكّرنا بأنّ الراعي سهرانٌ على خرافه وأنّها لا تنسى أولادها. هي تقدّم رسالة شكرٍ من الربّ الذي يتكلّم من خلالها، فتأتي لتفيضَ من عطاياها في النفوس من خلال أسرارها وصلوتها ولقاءاتها.
وهذا الحبّ المتبادل بيننا يجعلنا واحدًا، فما نقوم به ليس مجرّد اجتماعٍ وتحضيرٍ وحسب، الروح الذي يجمعنا وحدةٌ غير مرئيّة، محسوسةٌ وغير مسموعة، ولكنّها سوف تظهر بإذن الله خلال هذا الإجتماع، فلهفتُنا وشوقُنا ومحبّتُنا لبعضنا وإيماننا بالعمل معًا هي الخميرة في العجين. * ماذا يعني لك إختبار العمل في لجنة المرأة ومجلس كنائس مصر الذي يسعى لتوطيد المحبّة بين جميع الكنائس؟
ما أجمل أن نتقدّم سويّةً ونقوم بكلّ ما يليق بالربّ. عطايا الربّ كثيرة فعلينا التيقّظ حتّى لا نتسهينَ بها، بل فلنَسْتَعِنْ بها حتّى يكون كلّ شيءٍ على أكمل وجه. فلنقدّم كلَّ عملٍ للربّ، نقدّم الباكورة. فما أجمل أن نعطي. هو يعطينا الأفضل علينا أن نعطيه أحسن ما عندنا. يجب أن ننهل من الإنجيل ونعيش عمليًّا ما يعلّمنا إيّاه حتّى نستحقّ أن نكون مسيحيّين، ومن أفعالنا يعرف الجميع أنّنا أولاد السماء. يا ربّ كن معنا، كن الخيمة التي تظلّلنا فيكون هذا اليوم، يوم ۱۸ مارس، ثمرةً تليق باسمك، واجعل كلّ من يقرع الباب، يدخل ويلقى في اجتماعنا، فرحَك.
“أنظروا كيف يحبّون بعضهم البعض”! أن نحبّ بعضنا البعض بقلبٍ صادق، هذا الحبّ هو الذي تحاولن إعطاءه لبعضكنّ، فكم يحمل من فرحٍ للسماء! أتمنّى أن نخرج من هذا اللقاء وفي قلبنا توقٌ لعيش الوحدة التي أوصى بها المسيح كثمرةٍ لمحبّتنا المتبادلة.
إعداد ريما السيقلي