فرصةٌ للتفوّق
أنهي عادةً الأعمال المنزليّة ثمّ أذهب للتسوّق أو لألتقيَ بصديقةٍ أو بأخرى. وفي كلّ مرّةٍ أخرجُ فيها كنت أصادف صبيًّا يقود درّاجته بسرعةٍ كبيرةٍ في أحياء القرية. لم يُلفتني الأمرُ في البداية، لكن عندما بدأ العامُ الدراسيّ كان هو لا يزال يجوبُ الطرقات على درّاجته. تساءلْت عمّا يجري وها نحن في شهر نوفمبر وكلّ الأولاد في المدرسة.
ماذا يفعل في الشوارع كلَّ صباح؟ لمذا لا يذهب إلى المدرسة؟ اقتربتُ منه وسألته: “لماذا لستَ في المدرسة؟”، إحمرَّ وجهه وتلَعثم. في الواقع، كان قد طُردَ من مدرسته. قلتُ له عفويًّا، أو بالأحرى بدافعٍ من فوق، “سَأنتَظركَ غدًا في منزلي مع كُتُبكَ. سندرس معًا”.
بعد موافقة الصبيّ وأهله وجدْتُ نفسي أتفاوضُ مع مديرة المدرسة وأعِدُها بالاعتناء بدراسته. تغيرّتْ المواقف شيئًا فشيئًا، موقف المعلّمين، موقف الصبيّ، موقف عائلتي…
في الواقع، لم يتقدّم “تلميذي” كثيرًا من الناحية الأكاديميّة، رغم كلّ الجهود. فقلتُ في نفسي: “لكن يُمكنُهُ أن ينجحَ في ميدانٍ آخر. هذا الصبيّ شغوفٌ بركوب الدرّاجات، يمكنه أن يبرعَ في هذا المجال ويستعيدَ بالتالي ثقتَهُ بنفسه”.
هنا بدأ دور زوجي، فهو من المحمّسين جدًّا لركوب الدرّاجات. تواصلنا مع النادي الرياضيّ والبلديّة، وعملنا معًا على تحقيق مشروعنا: تنظيم مسابقة في ركوب الدرّاجات. إكتملَت التحضيرات، وتشكّلتْ لجنةُ الحكم ودُعِيَتْ الصحافة.
لم يكن العمل، كمجموعة، سهلاً وذلك نظرًا لتفاوت الآراء أحيانًا، لكنّنا كنّا نعود دائمًا ألى جوهر هذه المسابقة ألا وهو فَرَحُ هؤلاء الأولاد وتَنمِيَتِهم.
جرتْ المسابقة حسب الأصول ورَبِحَ “تلميذي”. ظهرَتْ صورتُهُ في الجريدة المحليّة واقفًا على المنصّة مبتسمًا فخورًا بميداليّته الذهبيّة.
أفهمني هذا الإختبار أنّه في كلّ مرّةٍ أستمعُ لصوت الله في داخلي يُلهمني الحلَّ الأفضل، وأشاركُ به آخرين لنعملَ معًا على تحقيقه، حينها تأتي الثمارُ كثيرة.

ريجينا

Spread the love