سمعتُ مرارًا أنّ السعادة مرتبطةٌ مباشرةً بمسيرتنا داخل الدعوة التي اخترناها وكيفيّة عَيْشِنا لها بالملء.
هل يمكن أن توضّحي لي هذه العلاقة؟
سأنطلق من هذه الحقيقة: كون الله قد تجسّد، فهو يريدُ لكلّ إنسانٍ أن يحقّقَ ذاته. نداءُ الله أي الدعوة وتحقيق الذات يلتقيان إذًا. نحن نرى أنّ من يعيش دعوتَهُ بالملء يندمجُ مع ذاته ومع الآخرين ويتناغمُ معهم دائمًا أكثر. أمّا الإكتئاب والحزن الدائم والتفكير النقديّ اللاذع، والتشنّج المتواصل، هي علاماتٌ سلبيّة، وبمثابة إشارات إنذار.
ولكن، هناك سؤالٌ أساسيّ: ما معنى أن نحقّقَ ذاتنا؟ أعتقد أنّ السعادة هي في أن نُعطيَ ذاتنا كلّيًّا، هي في قُدرتنا على إعطاء ذاتنا كلّيًّا. بهذا فقط يكون الإنسانُ مرتاحًا مع ذاته، هكذا يجد، عاجلاً أم آجلاً المعنى الحقيقيّ لوجوده، ولا يقعُ تحت رحمة المشاعر الآنيّة التي يُمكن أن تتجاذَبَه.
نرمي أنفسنا في خضّم الحياة، نُصغي للآخر ونستقبلُه في قلبنا، فنجدُ أنفسَنا في ملءٍ غير متوقّعَ(…)
ولكن، يجب أن نميّزَ في أيّ مجال، في أيّ مسارٍ يُمكننا أن نُعطيَ ذاتنا بالطريقة الأفضل: في الزواج؟ في الحياة وسط جماعة؟ في حياةٍ مكرّسة؟ أو حياةٍ تبشيريّة؟ فالإنسانُ السعيد هو الذي يعرف أين؟ في أيّة دعوةٍ يمكنُهُ أن يُحبَّ أكثر، أين يًمكنُهُ أن يحقّقَ الدعوة التي وجَّهَها اللهُ له.
أعتقد أنّ هذا هو سرُّ الوفاء والأمانة داخلَ دعوتِنا الخاصّة، بالرغم من المصاعب لا بل من خلال المصاعب اليوميّة. يُمكننا تخطّي الأزمات، عندها نجدُ الطريقَ الصحيح لِنَلتزِمَ به. وإلّا فقدنا ما يُحفّزُنا، فقدنا كلَّ حماسةٍ وكلَّ أفق… لا بسبب المصاعب بل لأنّنا، في الواقع، لا نشعر أنّنا في المكان خاصّتِنا، أنّنا “في البيت”.
كيارا دوربانو
عالمة نفس ومعالجة نفسيّة