من هو المجوس الرابع؟

تقولُ أسطورةٌ تعودُ إلى القرون الوسطى إنّه في الواقع كان هناك مجوسٌ رابعٌ تَبِعَ النجم الذي أنبأ بولادة مُخَلّص البشريّة. المجوسُ الثلاثة الأوّلون حملوا معهم للطفل المُنْتَظَر هدايا ثمينة: ذهبًا ومرًّا ولُبانا.
أمّا المجوس الرابع فقد حمل حجارةً كريمة: ياقوت وزمرّد ولؤلؤةً رائعة. وهو في الطريق توقّفَ لَيَبْتاعَ بعضَ المؤن، فصادف سيّدًا يضربُ عَبْدَهُ بطريقةٍ وحشيّة. إسْتَفَزَّهُ المشهد، فقرّرَ أن يقدّمَ الياقوت للسيّد الظالم لِيُخَلّصَ العَبْدَ المسكين. وصار هذا العبد له خادمًا مخلصًا يَنْعَمُ بأفضل معاملة.
تابع المجوسُ الرابع دربه. لكنّه وصل متأخّرًا إلى فلسطين، فلم يَجِدِ الطفلَ يسوع الذي كان قد انتقلَ مع يوسف ومريم إلى مصر هربًا من هيرودُسْ الًذي أراد هلاكَه. ذُهِلَ المجوسُ الرابع عندما رأى جنود هيرودس ينفّذون أوامرَهُ بقتل كلّ طفلٍ دون السَنَتَيْن مِنَ العُمر. وكان أحدُ الجنود على وشك أن يُهْلِكَ عائلةً بأكملها، فهرع إليه وقدّم له الزُمُرُّدَ شرط أن يَنْسَحِبَ، ونَجَتِ العائلةُ من الموت وخَسِرَ المجوسُ جوهرته .
تابع المجوسُ بَحْثَهُ طويلاً عن يسوع في مصر، ولكن من دون جدوى، إذْ كانت العائلة المقدّسة قد عادت في هذه الأثناء إلى الناصرة. مرّت السنوات، وعَلِمَ أنّ نبيًّا عظيمًا قد ظهر في فلسطين، وأنّ أُلوفًا من الناس يتبعونَه، وأنّ كلامَهُ يُغَيّرُ حياة الكثيرين. فأراد أن يراه، لعلّه المخلّص الذي كان يبحثُ عنه منذ ثلاثين سنة. لكنّ السفرَ من مصر إلى فلسطين كان مُكْلِفًا. فباعَ اللؤلؤةَ الثمينة لِيُحَقّقَ حُلُمَه.
عندما وصل، قصد جبل طابور على الأرجح، فرأى النبيَّ وسَمِعَ كلامه: “كلُّ ما تفعلونه لأحد هؤلاء الصغار، لي فعلتموه”. “كلّ ما تريدون أن يفعَلَهُ الآخرون من أجلكم، إفعلوه أنتم أوّلًا”. “باركوا لاعِنيكُمْ، سامحوا مُبْغِضيكُمْ” إلخ… تأثّر بهذا الكلام وغَمَرَهُ فرحٌ عظيم. وفي الليل تراءى له هذا النبيّ في الحلم، إنّه يسوع. إقترب منه وفتح معطفه لِيُريه قلبَهُ وفيه الياقوت واللؤلؤة!
قد نتساءل: من هو هذا المجوسُ الرابع؟ ربّما هو يمثّلُ الأشخاصَ المُسنّين الذين فقدوا كلَّ شيء، لأنّهم قد أعطوا كلَّ شيء! يدعونا الربّ إلى أن نَنْظُرَ إليهم لنرى فيهم أشخاصًا لهم تاريخهم بكلّ أفراحه وأتراحه وكلّ عطاءاتهم!

الأب بْيارْ تْريفِي

Spread the love