من الداخل
أملُنا بغدٍ أفضل يكبرُ دومًا معنا، وإن شحّ أحيانًا فهو يعود ليطلّ علينا مع إشراقة كلّ عام جديد. لربّما كانت التحديّات كثيرة والدروب شائكة، لكنّ السعادة تبقى أساسَ حياةٍ تضمن نموَّ الإنسان بشكلٍ كامل، وللجميع الحقّ بالبحث عنها والسعي لتحقيقِها.
لو استطاعَ الإنسان أن يحقّقَ أمنياتِهِ ورغباتِه، لوَصَل إلى حالةٍ نفسيّةٍ وذهنيّةٍ إيجابيّة يُمكنُها أن تمنَحَهُ السعادة. أمّا المؤمن، فسعادته ترتبط بالله والعَيْشِ معه وبالقرب منه، فيتطلّع إلى الجنّة على أنّها حالةٌ من الفرح الأبديّ.
لذا إنّ الإعتناءَ بالحياة الداخليّة عند المؤمن أمرٌ جوهريٌّ يسمحُ له بإيجاد سلامه الداخليّ والتمكُّن من العيش “في الخارج”، خارج ذاته، مُفرغًا ما ينضحُ به إناؤه. طريق السعادة تبدأ من الداخل، من قلبٍ متعطّشٍ لنبع الماء الحيّ الذي يسيرُ دومًا بالروح إلى الأعماق، فتشقّ بدورها مساراتٍ في قلوب الآخرين. إبحث عن هذا الطريق في عمق قلبك وكلمة الله تؤازرك وحضوره فيك يعزّز قوّتك، فتكون إيجابيًا، واثقًا، مثابرًا ومبدعًا.
إنّ التحديّات والصعوبات التي ترافق الأمور الطارئة في حياتنا، تتحوّل إلى نداءات للإلتزام لو عشنا في ظلال الروح القدس. هو التزامٌ يواكبُ إنسانَ هذا العصر ويبنيَ مع الآخرين مستقبلاً يليقُ بالإنسان الذي افتداه المسيح.
داخلي هو “بيتي”، لأنّه بيت الكلمة المتجسّد، إنْ أتقنتُ الإعتناءَ به، وجدتُ الراحةَ في سكناه، والأمانَ في زواياه، والحنانَ المتدفّق في أفيائه، فلا أعودُ سطحيّةً أو “عاديّة”. بل يصبح “الأمر الطارئ” الذي خضّني سبيلاً لبناء إنسانيَ الجديد أرفعه على أنقاض إنسانيَ القديم…
أستفيدُ من لحظات “ظلماتي” للتأمّل بها، والتعلّم منها واستخراج العِبَر، لأتخطّى هذا الارتباك الأعمى وأقطُفَ ما هو أبعد وأعمق ممّا يحصل معي، فلا أغرق في اللا قدرة أو الشلل، بل أولَدُ من جرحي الداخليّ لأنطلقَ نحو النور الذي ينبثق أمامي. كلّ ما عليّ فعله هو أن أعتنيَ ب”بيتي”. ولكلّ بيتٍ عام جديد سعيد …
ريما السيقلي
Spread the love