من أقوال جان فانييه
معنى الحياة
أنّ نحبَّ إنسانًا، لا يعني أن نفعلَ من أجله شيئًا ما وحسب، بل أن نساعِدَهُ على القيام بذلك الأمر بِنَفْسِهِ ومُواكَبَته به، كي يكتشفَ مَواهِبَهُ وقُدُراتِه، ويصيرَ مسؤولاً
عن ذاته ويُدركَ معنى الحياة.

الحبُّ يتفهم
كلُّ عنفٍ يقومُ به شخصٌ مُعوّق رسالةٌ لا بُدَّ من فهمها. علينا ألّا نرُدَّ على العنف بعنفٍ أشدّ، بل أن نفهمَ الألمَ الـذي نَبَعَ منه هذا العنف. علينا أن نعرفَ مصـدره ومعناه. قد يكون هذا العنف إشارةً لنا ونداءَ استغاثةٍ يُطلِقُهُ باتّجاهنا.
قد تكون الإعاقة قناعًا يخفي كلّ ما يحمله الإنسان في داخله. غالبًا ما نلتقي مُعَوّقين، ولا نرى منهم سوى إعاقتهم. فنَرْمُقهم بنظرة حزنٍ أو بنظرة شفقة، في حين أنّهم أشخاصٌ يعيشون ملءَ حياتهم ويحتاجونَ مثلنا إلى الشعور بأنّهم مصدرُ فرحٍ وأهلٌ لأن نحتفِلَ بهم.

الخوف
بالنسبة إلى الأشخاص المعوّقين، إنّ الخوفَ سببُ ومصدرُ كلّ خمولٍ أو عنفٍ أو جنون. ذلك لأنّهم عاشوا سنواتٍ طويلةٍ منبوذين من مجتمعهم وحتّى من أُسَرِهم.
فالخوف يبحث دائمًا عن مُذنِب. وعندما نفقد الأمان الداخليّ ونعجزُ عن الاعتراف بمواطن ضعفنا، نبحثُ عن كبشِ فداءٍ كي نُحمِّلَهُ وِزْرَ الشرّ الذي يلحقُ بنا ونَعْتَبِرَهُ هو العدوّ والشرير…ومصدرَ كلّ مصائبنا وصراعاتنا .

المحبّة
المحبّة تعني أن نصيرَ ضعفاء وعُرْضَةً للتجريح، أن نَدَعَ الأخرين يدخلون في ذواتنا وأن نَلْجَأَ نحن إلى الكثير من الرقّة لِنَدْخُلَ إليهم”. إن كان الحبُّ هو أن أتألم عندما تتألم فهو أيضًا أن أفرحَ عندما تفرحُ أنت.
نحن في زمن الصوم الذي سينتهي بموت يسوع. لا أحد يريد المسيح ورسالته. هو جاء يقترحُ طريقَ الشراكة والسلام على عالم لَفَّتْهُ الظلمةَ بسبب المنافسة والانقسام والحقد والحرب.
شقّ لنا الربّ طريقًا صغيرًا للسلام، وقد سلّمَهُ لبعض الأشخاص لِيُعْلِنوا للعالم بأنّنا لم نُدْعَ للمنافسة بل للحُبّ. نعم، يريدُنا الله أن نكونَ قوّةً جديدة، روحًا جديدةً تُظهرُ الحُبّ.

بيتُ الشركة
تكلّم يوحنّا بولس الثاني عن رؤيته حول الكنيسة، وأنا اسْتَبْدَلْتُ كلمةَ “الكنيسة” بـكلمة “الآرش”، قال: “إنّها بيتُ الشَرِكة ومدرستها، ومع بداية الألفيّة الثالثة، هي أمام تحدٍّ كبير. نريدُ أن نكون مخلصينَ لمخطّط الله، ونستجيبَ لمتطلّباته وانتظاراتِهِ العميقة للعالم… روحانيّةُ الشَرِكَة هي أن يكونَ واحِدُنا حاضرًا للآخَر، للمشاركة في فرحِهِ وألمه، وإدراك رغباته، والردّ على احتياجاتِه، لنقدّمَ له صداقةً عميقةً وحقيقيّة، لِنَسْتَقْبِلَهُ ونقدِّرَهُ كعطيّةٍ من الله، عطيّة من أجل ذاته. في النهاية، هي مسألةٌ تُعَلُّمُ كيف نُعطي إخوتَنا مكانًا، بينما يحمل واحدُنا أعباءَ الآخر.
في المرحلة الأخيرة من حياتي، أحبُّ أن أعيشَ هذه الشركة وأنشُرَها في جماعتي. سألتُ باتريك، وهو طبيبٌ معالجٌ نفسيّ، ما هو النضوج الإنسانيّ، فأجاب “الحنان”. أليس الآرش وإيمان ونور مكانًا مدعوًّا للحنان والشركة؟
بالنسبة إليّ هذا هو الإنجيل. قبل حياته العلنيّة، عاش يسوع حياةً خفيّةً في الناصرة لمدّة ثلاثين سنة، يعملُ مع يوسف ويعيشُ مع مريم ويوسف، حاضرًا مع الناس وبخاصّةٍ فقراء البلدة. كان يسوع متأثرًا بحياة عائلة مريم ومرتا ولعازر في بيت لحم، تقوم علاقتُهُ بها على الشركة مع لعازر، الضعيف. شارل دي فوكو كان منجذبًا لحياة بسيطةٍ مع أناسٍ بسطاءَ مسلمين، لا لِيَرْتَدّوا، بل لِيُظْهِرَ لهم بأنّهم محبوبون من الله. وجد شارل دي فوكو حضور الله الخفيّ في الشخص الأفقر بين الفقراء.

Spread the love