كيف يزهر العالم من حولنا
إنّ محبّةَ الله أي محبّة يسوع في داخلنا، هي الجذور الأساسيّة لنضارة حياتنا.
يزهرُ العالم من حولنا من خلال وحدتنا الحيّة والثابتة مع الله، ويزهرُ أيضًا إنْ نحن عِشْنا بعمقٍ حياتنا الداخليّة واختبرنا سلامًا دائمًا أكبر بفضل محبّتنا ليسوع المتروك ومريم الواقفة تحت أقدام الصليب.
كلّما اختبرنا الوحدة مع الله كلّما أشْرَكَنا اللهُ في حياته التي هي المحبّة، وكلمّا تَبَلْوَرَتْ محبّتُنا للآخرين كلّما اتّحَدْنا بهم ودخلنا إلى أعماق قلوبهم.
إنّ اجتذابَ هذه القلوب ليسوع أو التزامَها العميق به وقفٌ على كيفيّة عَيْشِنا للوحدة مع الآخرين. فهناك طرقٌ عدّةٌ لأنْ “نكونَ واحدًا”.
كي نكونَ واحدًا مع الآخرين يلزمُ أن نكونَ مجرّدين من أنفسنا كلّيًّا ودائمًا. هناك، من لا يستمعُ أبدًا للقريب لأنّه متعلّقٌ بذاته أو بأمرٍ آخر، ولا يعرفُ أن يموتَ في الآخر، بل يريدُ أن يُعطيَ أجوبةً جَمَعَها شيئًا فشيئًا في رأسه. هذه الأجوبةُ ليست ما يوحي بها الروح القُدُس الذي يقدرُ أن يُعطيَ الحياةَ أو يُنَمّيها في القريب.
وهناك في المقابل، من يُصغي للآخَر من دون أن يهتمَّ للجواب، إنّما يُعطي في النهاية مُلَخَّصًا بِبِضْعِ كلماتٍ أو بكلمةٍ واحدة، هي كلُّ ما تكون هذه النفسُ بحاجةٍ إليه.
إنّ يسوعَ يُعطي صدقًا عميقًا لكلمة من يَتَّحدُ بالآخرين بشكلٍ كامل. ويُعطيه كلامًا يتعلّقُ بالجوهر من دون زيادةٍ أو مبالغة. وهذا الكلام يدخل قلبَ القريب كالسيف، ويحرقُ ما يجبُ أن يزولَ ويحافظُ على الحقيقة وحدها. وعندها يستطيعُ الآخر أن ينمُوَ في تلك الحقيقة، وذلك يعني أنّه ينمو في يسوع.
ولكن، كما أنّنا باتّصالٍ مع الأفراد فنحن أيضًا بتواصلٍ مع الجماعات.
كيف يمكنُنا أن نؤثّرَ إيجابًا عليها لِتُزْهِرَ من جديد؟
يُمكننا ذلك إذا أَتْقَنَّا أكثر ودائمًا وحدتنا مع الله، وكنّا بإصغاءٍ دائمًا أكبر للروح القدس في داخلنا. يجبُ أن نَتَهَيَّأَ جيّدًا، سائلين معًا موهبة الروح القدس، في الصلاة الجماعيّة التي نُصلّيها للآب باسم يسوع والتي تشاركُنا فيها مريم وجميعُ شُفعائِنا.
هناك من يؤثّرُ بالأشخاص تأثيرًا سطحيًّا حتّى وإن أثارَ فيهم اهتمامًا مُعَيَّنًا.
وهناك، من يؤثّرُ بكلماته تأثيرًا أعمق بالأشخاص ويُنوّرُهم، بشكل أن يُولِّدَ لديهم عواطفَ وقراراتٍ من أجل الخير.
وهناك أخيرًا، مَن يكون حديثُهُ مليئًا من الروح القدس فيُحْدِثُ تحوّلاً في الأشخاص وتوبةً عميقةً إلى الله.
شيئًا فشيئًا لأنّ جذورَها هي وحدتُنا مع الله ومع روحه القدّوس.
علينا أن نُحَسّنَ كلَّ يومٍ حياتَنا الداخليّة، فنعيش مع يسوع في داخلنا ونُتْقِن صلواتنا. كما علينا أن نولِيَ علاقاتِنا الإهتمامَ الأكبر، أكانت علاقاتُنا مع الأفراد أو مع الجماعات.
كيــارا لوبيك
Spread the love