“ستّ الدنيا” عليكِ السلام
سلامٌ لأمِّنا الأرض… سلامٌ لكلّ الشعوب… سلامٌ لبُلدانِنا… سلامٌ لعائلاتِنا… سلامٌ لقلوبِنا…
وسلامٌ لبيروت…
“أجمعُ أشلائي وأرفعُ رأسي
من قيدِ الإذلالِ وعتمةِ اليأسِ
نظرتي الدامية تنفضُ الرُكامَ
لِتولدَ الحياةُ من مرارةِ كأسي…”
إنّهم اللبنانيّون… هَبَّ شبابُ لبنان وعددٌ من البالغين لمساعدة الأشخاص الأكثر تضرّرًا من هول الكارثة.
لم يحملوا أمتعتهم ليقرعوا باب الهجرة، إنّما حملوا معاوِلَهم ومكانِسَهم ورفوشَهم لتنظيف شوارع بيروت المفروشة بالحطام والزجاج. شبابٌ وصبايا يعطون للعالم صورةَ لبنان الحقيقيّة، هم رجاءُ الغد، وتنحني لهم الرؤوس. هم الأمل الذي سيجعل الشمس تشرقُ كلّ يوم، فألف تحيّةٍ لهم. نفضت بيروت غبارَها ونهضت من كارثةٍ ألمّت بها سبع مرّات، وها هي للمرّة الثامنة تقوم بسواعد شابّاتها وشبّانها. بيروت عاصمةُ بلدِ الفِكر، وطن الثقافة، طير الفينيق، مُورِّد الحرف، أرض الإيمان…
نعرف أنّ الدموع لا تفارقُ المآقي…
وصلاتُنا هي صلاة استجداءٍ وصرخةٌ مليئةٌ بالإيمان لشعبٍ يُؤمنُ ويُعطي ويبدأ من جديد… لشعبٍ يحتضنُ حبًّا عملاقًا للعذراء مريم… ويتنفّسُ حُبَّ الحياة!!!
شعبٌ لا يحتضرُ في دموعه بل يحملُ وطنه “الشهيد-الحيّ” على أكتافه ويذهبُ قُدُمًا…
لبنان هو لله منذ البداية… والله يواصل حِراسَتَه! وضع البحرَ لحماية بيروت الجميلة،
فهل سيندم يومًا هذا الشرّ ويتراجع إزاء دموع أمّهاتٍ وأخواتٍ وبنات، إزاء قلوب آباءٍ وإخوةٍ وأبناءٍ مسحوقة؟
صرخ الطفل كما كلّ طفل: “لا أريدُ أن أموت”، لكنّ الشرّ لا يستمع لصوتهم الهزيل بل السماء تفعل، فالراعي يحملهم على راحة يده. كم نحن قريبون من قلب الله!
بلد الأرز، إضطرابٌ وألمٌ يعصفان به، هو الذي، إن تُركَ لشأنه، عرف كما في السابق العيش بتناسقٍ بين أبنائه، هو بلدُ الرسالة، بلدٌ وُجدَ ليكون مثالاً للعيش المشترك.
وهذا ما يريده اللبنانيّون الذين يقدرون ويعرفون كيف يواجهون الشرَّ بالخير.
وتبقى المحبّةُ هي الجواب المُمكن الوحيد، المحبّة التي تعرف كيف تعطي ذاتها وتبدأ من كلّ فردٍ منّا دون أن تنتظر مقابلاً، المحبّة التي تُعدي إلى أن تصبحَ متبادلة…
ومنّي لكِ بيروت هذه الكلمات بلغتي اللبنانيّة:
بيروت… لَمِلْمي جروحاتِك…
وتيابِك اللي مْخَزّقا،
بيروت… من عتمة ليلاتِكْ
كبّي عنّك ويلاتِك بِمَحْرَقَه…
واصْرِخي بوِجُّهم… ما تِبكوا… من هَوْنْ ما في فَلّي،
قوموا امْشوا معي… صار الوقت… أنا رايحة صَلّي…
ريما السيقلي
Spread the love