سائق التاكسي

قبل سنوات، شاركْتُ في دورة تنْشِئةٍ للإكليريكيّين والكهنة في إيطاليا. خلال هذه الدورة تعرّفتُ على إكْليريكيٍّ أزعجَني فيه كلُّ شيء، من ثيابٍ وحركةٍ وكلامٍ وطريقة تفكير. ولكنْ، كيْ أكون وفيًّا لإِلتزامي بمحبّة كلّ قريب، حاولْتُ ألّا أحكُمَ عليه. اِنتهت الدورة وعُدْتُ إلى بلدي.
أُتيحَتْ لي الفرصة للعودة إلى إيطاليا بعد سنواتٍ لحضور مؤتمرٍ آخر. وصلْتُ إلى روما منتصف الليل. كان الوضعُ الأمنيُّ مُتأزّمًا، لذا كان قد تمّ إغلاق محطّة القطار وتوقَّفَت الحافلات وسيّارات الإجرة العامّة. وجدْتُ نفسي في الشارع في البرد، مع حَقيبتَيْن، لم يكن لديّ عملةً إيطاليّةً لأدفع ثمن فندق، ولم أكن أعرفُ كيف أصل إلى المكان الذي يجبُ أن أقيم فيه.
رأيتُ سيّارة أجرة تقتربُ منّي وسمعتُ السائق يقول: “سيّدي المحترم؟”، ثمّ قال إسمي وسألني: “ماذا تفعل هنا؟ ألا تَعرِفُني؟ ” لم أتعرّف عليه حقًّا… لقد تغيّر كثيرًا، كان ذلك الإكليريكيّ نفسه! بعد معانقة بعضنا البعض أَخبرْتُهُ ما هو الوضع الذي أنا فيه فقال: “هل يُعقلُ أن أترككَ هنا في الطريق؟ تعالَ معي سآخذكَ مجّانًا!”. ثمّ قال: “تركتُ المدرسة الإكليريكيّة وأنهيْتُ دراستي الجامعيّة وأتدبّرُ أمري بهذا العمل ليلًا”.
كانت رحلتي معه ممتعةً للغاية، كما بين الأصدقاء القدامى! ولَدى وصولِنا عند مُضيفي أصرَّ هذا الأخير أن يدفعَ لصديقي بَدَلَ أُجرة النقل، ودفع له مبلغًا أكبر ممّا كان سيَحْصلُ عليه مقابل هذه الخدمة!

المدينة الجديدة -إيطاليا

Spread the love