حبٌّ حتّى النهاية
أنا أمٌّ لأربعة أطفال وكنتُ أعملُ بكلّ اجتهادٍ وحُبٍّ فى إحدى المؤسّسات المسيحيّة كأخصائيّةٍ نفسيّةٍ لعلاج الإدمان، وأتابعُ بشكلٍ خاصّ أحد المرضى، واسمه محمود، ولم تكن مساعدتي له تنحصرُ في الدعمِ النفسيّ فحسب، لأنّ عائلتَهُ كانت قد تخلَّتْ عنه بحجّةِ أنّه وصمةُ عارٍ لها، وهي عائلةٌ ذات مكانةٍ إجتماعيّةٍ وعلميّةٍ مرموقة.
لكن ولسوء الحظّ، تعرّضتُ لبعض المشاكل والمضايقات أثناء فترة عملي ممّا أدّى إلى استبعادي عن العمل. كنت أقومُ في تلك الأثناء بمساعدة محمود ماديًّا لكنّ الأمر بات صعبًا حين أصبحتُ بلا عمل. تدخَّلتْ العناية الإلهيّة في الوقت المناسب وأنقذَت الوضع، رغم صعوبة الموقف الذى استمرّ لمدّة أربعة شهور. بقيَ محمود على تواصلٍ معي، وكانت الأسرةُ ترفض استقبالَهُ فى البيت لشكِّها في شفائه. كنت أُطَمْئِنُه وأقولُ له باستمرارٍ إنّ اللهَ سوف يتدخّلُ فى الوقت المناسب لكنّي لا أعلمُ كيف.
في ذلك الوقت كنت أتردّدُ كمتطوّعةٍ على إحدى المراكز العلاجيّة التي ترعى مُدمني المخدّرات، وطلبتُ منهم استضافة محمود، ووُفِقَ على طلبي دون تردُّد. أكمَلَ محمود تأهيلَهُ وفى نفس اليوم استلَمَ عَملَهُ في المركز كمتطوّع، كمدمِنٍ مُتعافى، لحداثةِ خبرَتِه.
وشاءت العنايةُ الإلهيّة أن توفِّرَ ليَ عملاً، وكنتُ لا زلتُ دون عملٍ منذ سبعة أشهر. طلب منّي مديرُ مركز إعادة التأهيل التي يعملُ فيه محمود أن أمارسَ عملي كأخصائيّةٍ نفسيّة. وفي الحقيقة كان العملُ الجديد أفضل بكثيرٍ من ذاك الذي تركته. شعرتُ بقوّةٍ بتدخّل الله في حياتي، يكفي تسليم ذواتِنا له وعيش المحبّة ببساطةِ وإيمانِ مريم.

عبير

Spread the love