الأمومة على مفترق طرق

كنتُ في المكتب. وكالعادة، اتّصلْتُ بالمنزل لأقول لإيزابيل، المرأة التي تساعدني في التنظيف، بعض الأمور الطارئة التي يجب القيام بها. لكنّني شعرْتُ أنّ صوتها متغيّرٌ قليلاً وقاطعتْني قائلة : “لن أتمكَّن َمن العمل غدًا. إبنتي لديها موعدٌ مع الطبيب لإجراء عمليّة إجهاضٍ وأريدُ مرافقتها”.
كنت أعلمُ أن ابنَتَها لم تكن متزوّجة، وأنّها تعيشُ مع والدَيْها. والآن تنتظر مولودًا! لاحَظَتْ إيزابيل صمتي فشرَحَتْ لي، كما لو أنّها تعتذر، أنّها لا تُوافق على الإجهاض، وتابعت قائلة: “ولكن، بما أنّ ابنتي تتَّبعُ علاجًا قويًّا للغاية للغُدَد الصمّاء، نصحَها الطبيب بإنهاء الحمل لأنّ الطفل سيولد بتشوّهاتٍ خطيرة”. أنهيْنا المكالمة وكنتُ قلِقةً جدًّا، أشعر أنّه يجب القيام بشيءٍ ما. ولكن أيّ شيء؟ وإذْ بصديقةٍ قديمةٍ تدخلُ مكتبي وهي صيدلانيّة. طلبْتُ رأيها حول الدواء الذي تتناوله الفتاة. فأكّدَتْ لي أنّ هذا الدواء عدوانيٌّ للغاية، لكنّ العلاجات البديلة موجودةٌ للنساء الحوامل.
إتّصلتُ فورًا بالفتاة فأخبرَتْني أنّها لم تعرف أبدًا عن العلاجات البديلة، وفي كلّ الأحوال تشعر أنّها غير مستعدّةٍ لرعاية طفلٍ لوحدها. أنْهيْنا الحديث بقولي لها: “أُريدُكِ أن تعْرفي أنّه إذا ما قرّرْتِ الإحتفاظَ بالطفل، يُمْكنكِ الإعتماد على مساعدتي”. هنا أدْرَكْتُ أنّ تلك المساعدة التي وعَدْتُها بها يجب أن تأتيَ “من مكانٍ آخر”، من عند الله، وليس منّي.
ووجدْتُ نفسي أوصي بهذا الطفل إلى الطوياويّة الشابّة “كيارا لوتْشِه بَدانو”. إتّصلْتُ بصديقةٍ أتوجّه إليها دائمًا لطلب المساعدة. لكنّي ما زلتُ أتساءل ما بوسعي أن أفعل؟ أَأَذهب إلى الفتاة وأخبرها عن “مركز مساعدة الحياة” التي أخبرتْني صديقتي عنه أم أنتظر؟
وفي المساء عندما عدْتُ إلى المنزل رنّ الهاتف. يا لِدهشتي! إنّها الفتاة الحامل تسألني: “هل أنتِ مستعدّة حقًّا لمساعدتي؟ أنا لم أذهبْ إلى المستشفى لإنهاء الحَمْل، بل إلى طبيب الغدد الصمّاء الذي اسْتبْدَلَ علاجي وأكّد لي أنّه لن تكونَ هناك مشاكلٌ لدى الطفل!”.
تحدّثنا لفترةٍ طويلة، وشعرنا أنّ الصعوبات أخفّ. أخبرتْني أنّ أمَّها غيّرت رأيها أيضًا وهي الآن مستعدّةٌ للترحيب بالطفل. وبدأنا نتكلّم عن الإحتياجات الفوريّة: نظامٌ غذائيٌّ صحّيّ، دفءُ العائلة وعاطفةُ الأصدقاء الخ… أغلقْتُ الهاتف ونفسي تُغنّي: “شكرًا لكِ كيارا لوتْشِه”. والآن أذكرُها كلّ يوم وأعتبرُها بطريقةٍ ما “عرّابة” الطفل الذي سَيولد قريبًا، بينما نحن هنا سنقوم بدورنا بكلّ تأكيد.

كاترينا روجيو

Spread the love