إنْ أردتَ
تجسّد يسوع وحقّق الخلاص. أعطى البُشرى السارّة لكلّ مَنْ يريد أن يستقبلَها: “مَنْ أراد أن يتبعني فليحمِلْ صليبَهُ ويتبعني” (متّى ١٦ : ٢٤-٢٨).
“مَنْ أراد” أي بإرادته، طوعًا، بحرّيّة. وعندما سأله الشابُّ الغنيّ ماذا يجبُ أن يفعلَ ليَرِثَ الحياة الأبديّة، ذكّره يسوع بالشريعة والوصايا. كان الشابُّ يعيشها كلّها. فقال له يسوع: “إن أردتَ أن تكون كاملًا فاذهَبْ وبِعْ أملاكَكَ وأعطِ الفقراء فيكونَ لك كنزٌ في السماء وتعالَ اتبعني (متّى ١٩ : ٢١).
إذًا “إنْ أردتَ”. وعندما أعطى وصيّته الجديدة بأن نحبّ بعضنا البعض، أوصى ولم يَفرض.
إتّباع يسوع يتطلّبُ إيمانًا جدّيًّا وكاملًا. يمكن أن يبدوَ كلامُ يسوع صعبًا أو بالعكس رائعًا وخياليًّا… لكنّه يصبحُ ديناميكيًّا، حِسّيًّا عندما نُطبّقُهُ وبخاصّةٍ عندما نلتقي بأشخاصٍ يعيشون الكلمة لدرجةٍ أنّهم يصبحون “كلمةً حيّة”.
تتطلّبُ كلمةُ الله أن نتخلّى عن منطقنا البشري ونبدأَ بمحبّة القريب دون أيّ تحفّظ. إلتزامُنا هو إذًا أن نُحبَّ كلَّ قريبٍ كما يُحبّه الله، إنْ تجاوَبَ مع مَحبَّتِنا أو لم يتجاوَبْ. نُحبُّه في كلِّ الظروف حتّى السلبيّة منها. نُحبُّ حتّى الذي يبغضنا ونحن مستعدّون أن نعطيَ حياتَنا من أجله. هذا أكبرُ بكثيرٍ من المسامحة وأبعدُ منها.
مَنْ يساعدنا كي نعيش بهذه الطريقة؟ يسوع المصلوب والمتروك! هو يساعدنا في مواجهة الحالات العبثيّة، في الأوضاع الشخصيّة، الإجتماعيّة المختلفة، في العلاقات بين الشعوب، في الإقتصاد وفي السياسة. يساعدنا يسوع المتروك على عيش كلِّ “لماذا”، كلِّ الأسئلة التي ليس لها أجوبة: “لماذا تركتني؟”. إنّ الحياة مع يسوع المتروك ليست استسلامًا بطريقةٍ سلبيّة، بل تتحوّل لديناميكيّة المحبّة العمليّة، لحُبٍّ فعّالٍ قادرٍ على إحياء الرجاء ومساندة شُركائِنا في سفرة الحياة.

 

تومازو سورجي
د. في العلوم الاجتماعيّة-

Spread the love