إقرأ كتابًا، إقرأ إنسانًا
“مكتبة الإنسان”
إبتكار، الأوّل من نوعه في الشرق الأوسط

ندخل مكتبةً بحثًا عن كتابٍ أو موضوع، نستعيرُهُ لِنَقْرَأهُ ونغتني منه. فماذا لو قدَّمَتِ المكتبة “إنسانًا كتابًا”، لنقرأَهُ في حوار، وجهًا لوجه، ونغتني من خبرته؟
إنّه مشروع “مكتبة الإنسان”، أطلقه، سنة ٢۰١٦، الدكتور زياد فهد، المحاضر في جامعة اللويزة، والناشط الإجتماعيّ في حرم الجامعة.
أطلق مشروع “مكتبة الإنسان” إيمانًا منه، ومن الآباء المسؤولين عن الجامعة، بالإنسان وبأهمّيّة نشر الثقافة والفكر التَوْعَوِيّ. هو قرارٌ يعتمدُ على رسالة الجامعة وحِرْصِها على التجاوب مع حاجات الشباب في مواجهة تحدّيات اليوم.
عمليًّا، تسمح “مكتبة الإنسان” لكلّ طالب، مرّةً كلّ شهر، أن “يستعير” إنسانًا عاش خبرةً مميّزة، أو تخطّى محنةً شخصيّةً أو إجتماعيّة؛ يتحاور معه، يستمع إليه، يسأله ويعبّر…
يقول الدكتور زياد فهد: “لقد اخْتَرْنا بالطبع أشخاصًا ذوي خبرةٍ مميّزةٍ في شتّى الميادين والمواضيع التي تتعلّق بالشباب وتطلُّعاتهم. منهم أشخاصٌ عُنِّفوا، إنْ في محيط العائلة أم في السجون، منهم من كان مفقودًا وعاد، أشخاصٌ ظُلِموا بطُرُقٍ عديدة، أشخاصٌ دخلوا دوّامة المخدّرات أو أمتلكوا مؤسّساتٍ غير مُشَرّفة تستغلُّ البشر؛ وكلُّهم استطاعوا أن يتحرّروا من عبوديّةِ وَضْعِهِم ونتائِجِهِ السلبيّة، واستعادوا إيمانَهُم بذاتهم وانطلقوا من جديدٍ ليكونوا أعضاءَ فعّالين في المجتمع. كما اخترنا أشخاصًا عرفوا كيف يُعبّرون عن حبّهم للوطن بالتزامهم في المؤسّسة العسكريّة، أو عرفوا كيف يعيشون حُبَّهم لله من خلال خيار الحياة الرهبانيّة أو الكهنوتيّة.
هل من إقبالٍ من قبل الطلاّب؟ الإقبال كثيفٌ جدًّا وبات المكانُ لا يتّسعُ لعددِ الراغبين في “قراءة الإنسان” بالرغم من أنّ المكتبة لا تستقبلُ حاليًّا إلاّ طلاّب جامعة اللويزة. أحيانًا، يعطي الإنسان ـ الكتاب، شهادة حياته أكثر من عشرين مرّة خلال سبع ساعات…
يؤكّدُ أيضًا الدكتور زياد أنّ ما يَرِدُ في الحوار بين الطالب و”الإنسان-الكتاب” نحن لا نعرفه ولا يحقّ له أن يُنْقَلَ لإدارة الجامعة أيَّ شيءٍ عن الطالب الذي حاوَرَه. فما يَهُمُّنا هو استباق المشاكل وتفادي أن يقعَ فيها الطالب، وذلك بطريقةٍ دائمًا إيجابيّة، أي الحوار الشفّاف والبنّاء. إنّنا نؤمن بقُدُراتِ الشباب وبِدَوْرِ نشر الثقافة والفكر التَوْعَوِيّ في استباق المشاكل وتفاديها.
يقول بعض الطلاّب :
ـ أنا قرأت “كتابَ” مُدْمِنٍ على المخدّرات واكتشفتُ كيف تعامَلَ مع مشكلته وكيف تَخَطّاها. قرأتُ أيضًا “كتابَ” شخصٍ متعايِشٍ مع فَايْروسْ ال HIV وتعلّمتُ أنّه يجبُ ألّا نستسلِمَ كي نُحقّقَ حُلُمَنا أو طموحاتِنا.
ـ أعتقد أنّه لا بُدَّ لكلّ طالبٍ أن يعيشَ اختبارَ مكتبة الإنسان ولو لمرّةٍ واحدة. إنّه إختبارٌ يتركُ في نفسِكَ أثرًا مُمَيّزًا.
ـ قرأتُ حتّى الآن ۹ “كتبٍ” وأريدُ المزيد، وبعد كلّ حوارٍ أتوقُ لحوارٍ جديد. عندما أستمع لقصّة الشخص أعيشُ تحدّياتِه!

                                                                                                                                                                            إعداد حياة فلاّح

Spread the love