أنتَ يا رَبّ خيريَ الوحيد
نعرف كم هوَ مُهمٌّ بالنسبة للحياة الروحيّة أن تكون حياتنا مؤَلّفةً من أعمالٍ نُقدّمُها للّه محبّةً فيه من جهة، ومن حوار محبّةٍ معه من جهةٍ أخرى.
ولكن من المُمكن أن يتساءل البعض: “في حوار المحبّة هذا، الذي نقيمُه مع الله، ما هيَ الكلمات التي تليق به؟ ماذا يُمكن أن نقولَ له في تلك اللحظات؟”
يقول القدّيسون، وهم خبراء بحياة الكمال، أنّه تكفي لذلك عبارةُ محبّةٍ صادقةٍ مثل: “إلهي أحبّكَ” … أو مُجرّد نظرة محبّةٍ نُوجّهها إليه، هوَ الحاضر في بيت القربان. لأنّ كلّ ذلك هوَ صلاةٌ حقيقيّة.
ولكن ليست تلك العبارات الوحيدة التي يمكن أن نلجأ إليها في الحوار مع الله. هناك في الواقع صلاةٌ مميّزةٌ نستطيع أن نُردّدَها في مناسباتٍ عديدة، نردّدها باندفاعٍ ومن كلّ قلبنا ومن كلّ فكرنا. هذه الصلاة هي عبارة: “أنتَ يا رب خيريَ الوحيد”.
كلّنا نختبر كم من المرّات، عندما نعمل أو نكتب أو نتكلّم، أو عندما نرتاح، يُمكن أن نتعلّق بذواتنا أو بالأشياء أو بالأشخاص. إن لم نقاوم هذا التعلّق، سيؤثّر بكثيرٍ من السلبيّة على حياتنا الروحيّة. لأنّه كما يقول القدّيس يوحنّا ذو الصليب: “ليس هناك فرقٌ ما إذا كان العصفور مربوطًا بخيطٍ أو بحبلة. لأنّ خيطًا رفيعًا يربطه مثل الحبلة وعليه التخلّص منه لكي يطير. كذلك الإنسان إن تعلّق بأيّ شيء، فبالرغم من كلّ الفضائل التي يمكن أن يتحلّى بها، لن يختبرَ حريّة الإتّحاد بالله”.
لذلك نحن بحاجةٍ ماسّةٍ ومُلحّةٍ أن نتّخذ موقفًا أمام هذه التعلّقات، وليس من علاجٍ أفضل، وهي خبرةٌ شخصيّةٌ عشتُها مؤخّرًا، من إعلاننا ليسوع: “أنتَ يا ربّ خيري الوحيد”، الوحيد، وليس لي خيرُ سواك. هذه الصلاة بالغةُ الأهميّة وتُعجب اللهُ كثيرًا، وبواسطتها لا يغطّي غبارُ الأمور الدنيويّة حياتنا الروحيّة.
وبِعَيْشِنا لهذه العبارات، نختبر كم تؤثّر فينا كلمة “الوحيد”، خيري الوحيد، لأنّها تهزّ بقوّةٍ حياتنا الروحيّة وتقوّمها، مثل إبرة البوصلة، وتوجّهنا في مسيرتنا نحو الله.
يسوع المتروك إذًا عريسُنا.
والثالث هو الروح القدس. هذا الروح القدس الذي نعرف عنه تأثيراته الإلهيّة: في الأشخاص، وفي الجماعات المتجدّدة بواسطة حضوره. هذا الروح الذي نتوجّه إليه بكلّ ثقةٍ هو الذي يستجيب دائمًا عندما نتضرّع إليه، وهوَ الذي يوحي لنا كلماتٍ مليئةٍ بالحكمة. هو الذي يسندنا ويُحبّنا حبًّا مميّزًا، مثل صديقٍ حقيقيّ. الروح القدس هو صديقنا.
لنتأمّل بهذه العلاقات مع مريم، هي التي نزل عليها الروح القدس وقوّة الآب العليّ ظلّلتها والتي تجسّد الكلمة فيها. لنتأمّل بهذه العلاقات ونقوّيها وفي الوقت نفسه لنعِشْ اللحظة الحاضرة وندخل في “الحاضر الأزليّ” حيث نلتقي بالله وحيث يعيش الأقانيم الثلاثة مثلما يعيشون في داخل قلبنا الصغير.
كيارا لوبيك
Spread the love