ألقصّةُ لم تنتهِ هنا
كنّا أنا وزوجتي، في السنوات الماضية، عندما كان الوضعُ الإقتصاديّ يسمحُ بذلك، نحتفلُ بعيدِ زواجِنا مع أصدقائنا وننشغلُ بتبادُلِ الهدايا الخ…
إلاّ أنّ هذه السنة، ومع تأزُّم الوضع الإقتصاديّ، وبالأخصّ بعد انفجار مرفأ بيروت وما رافقه من خسائرَ ماديّة ومعنويّة، أحْبَبْنا أنا وزوجتي أن نتشارَكَ فرحة المناسبة بزيارة بعض الأشخاص المحتاجين في منطقة الأشرفيّة المنكوبة لنُوزّعَ عليهم مبلغًا من المال كنّا قد خصّصناه للمناسبة. لذلك تواصلنا مع أحد الأصدقاء تَضجُّ صفحاتُ الفايسبوك الخاصّة به باختباراته الشخصيّة في حقل العمل الإجتماعيّ، ويعرفُ العديد من العائلات المحتاجة وبإمكانه مُرافَقَتَنا. أبدى صديقُنا فرحَهُ في مشاركتنا هذه “الرحلة”، ليلة عيد زواجنا، سيرًا على الأقدام في أحياء المنطقة.
قصدنا بعض البيوت التي كان يزورُها صديقُنا من وقتٍ لآخر لتقديم بعض الحِصَصِ العذائيّة لها. صحيحٌ أنّ المبلغ الذي كُنّا قد جمعناه ليس بمبلغٍ كبير، وتوزيعُه على أكثر من جهةٍ كان يُفقدُهُ جزءًا من قيمته، ولكنّنا كنّا على يقينٍ بأنّ الربّ هو الذي يُعطي ويُفيض.
أكثر ما أثّر بنا في هذه الليلة كان دخولُنا منزلَ تلك المرأة التي تعيش وحيدةً في بيتٍ صغير، لا بل في غرفةٍ صغيرة. كانت تُشارف على الإنتهاء من صلاة المسبحة وزيّاح العذراء، وأمامها على الطاولة شخصُ العذراء مريم وشمعةٌ مُضاءة. قال لها صديقُنا أنّنا جِئنا لزيارتِها في ليلة عيد زواجنا لمُشاركَتِها المناسبة. صَلَّينا معها ومن ثمّ قدّمنا لها هديَّتنا المتواضعة. فأجْهَشَتْ بالبكاء… وشرحَتْ لنا أنّها كانت تستنجدُ العذراء القدّيسة لمساعدتِها، فهي لم تَعُدْ تملكُ المال لشراء حاجتها. فتحَتْ لنا “برّادها” فبدا خاليًا من أيّ طعامٍ وكأنّها لم تأكُلْ منذ يومين أو أكثر.
والقصّةُ لم تنتهِ هنا، فقد عُدنا إلى منزلنا حاملين الأشخاص، الذين الْتَقَينا بهم، في قلوبنا وصلاتنا. شعرنا بالمسؤوليّة تجاههم رغم عجزِنا عن تغطية جميع الحاجات…
أمّا الشابّ الذي رافقنا فقد تأثّر بالمبادرة التي قمنا بها ليلة عيد زواجنا، واسْتَأْذنَنا ليكتُبَ اختبارَهُ على الفايسبوك. تمنّينا عليه عدم ذكر أسمائنا، وعلى هذا الأساس كتب قصّةَ تلك الليلة، وما عشناه سويًّا بأسماءٍ مستعارة. لامَسَ اختبارُنا، وبالأخصّ مع تلك المرأة، قلبَ شخصٍ من معارفِهِ في أميركا فسارع بالتواصل مع صديقنا ملتزمًا تقديمَ معاشٍ شهريٍّ لتلك المرأة التي فرحَتْ بالخبر وأرسلَتْ لنا سلامًا خاصًّا معتبرةً أنّنا كُنّا “وجهَ خيرٍ عليها”.
كان اللهُ ينتظرُ منّا خطوةً ليفيضَ المئة ضعف. ويا لها من هديّةٍ رائعة!

ساندريلاّ وبسّام

Spread the love