مجموعة عمل مريم / حركة الفوكولاري
(٤٠ سنة في مصر)

متى بدأت حياة مجموعة عمل مريم ( الفوكولاري ) فى مصر وكيف ؟
منذ أربعين عامًا، وبالتحديد فى مارس ١٩٧٩، شاهدنا إعلانًا معلقًّا على حائطٍ في دير السالزيان (دون بوسكو) في روض الفرج. يقول الإعلان: يدعوكم أصدقاء مجموعة الفوكولاري في مصر، إلى اللقاء السنويّ الذي يقيمونه في مدرسة الراعي الصالح في شبرا، لمدّة يومٍ واحدٍ (وكان ذلك يوم الجمعة). ومن باب الفضول والتغيير اتّفقنا، نحن مجموعةٌ من الشباب و الشابّات من مدارس الأحد في دون بوسكو أن نذهبَ لنلتقيَ هؤلاء الناس ونعرفَ مَن هُم ونحضر اللقاء ( وكان عددنا حوالي ١٢) .
وذهبنا بالفعل. نظّمت اللقاء مجموعةٌ صغيرةٌ من راهبات الراعي الصالح مع ضيوفٍ من لبنان، أتذكّر منهم عائلة جاك وبْيِيريتْ، وهي معروفةٌ وسط َمجموعة عمل مريم في لبنان، وفهمنا وقتها أنّها المرّة الثانية أو الثالثة التي يُنَظَّم فيها هكذا لقاء في مصر، وكان يُدارُ باللّغة الفرنسيّة مع ترجمةٍ إلى العربيّة لكلّ مجموعةٍ على حدى .
منذ دخولنا القاعة، شدّتنا بشكلٍ غريبٍ الاختبارات وأسلوبَ الحياة المسيحيّة الذي يتحدّثون عنه. عنوان اللقاء كان: كيف نرى يسوع فى الآخر؟ و كان هذا العنوان جديدًا على مسامعنا. أغْلَبُنا لم يفكّر فيه من قبل. وعلى الرغم، من أنّنا مجموعةٌ من الشباب والشابّات الملتزمين فى الحياة المسيحيّة التقليديّة، إلاّ أنّنا وجدنا أنفُسَنا مُنجَذبين لمعرفة المزيد عن هذه المجموعة، لا بل أكثر من ذلك، قبل أن ينتهيَ اللقاء كناّ قد سألنا: هل من الممكن أن يكونَ لدينا فى مصر مثل هذه المجموعة؟ هل من الممكن أن ننظّمَ فى مصر اجتماعاتٍ لكلمة الحياة؟
وكانت الإجابة بالطبع تستطيعون، وبإمكانكم البدءَ فورًا!

كيف استطاعت مجموعة مصر الحديثة العهد أن تحافظَ فى البداية على استمرار اللقاءات؟
يرجعُ الفضل فى ذلك إلى شخصَيْن مهمّيْن جدًّا لبداية المجموعة فى مصر:
جيمسْ باتْ وهو بروفيسّور بريطانيّ، كان يعملُ فى الجامعات المصريّة على تطوير تدريس اللّغة الانجليزيّة لطلاّب كلّيّات التربية، والأب بينوش وهو كاهنٌ فرنسيٌّ وراعي كنيسة سان مارك في شبرا آنذاك.
• لقد استمرّت اجتماعاتُ كلمة الحياة بانتظامٍ فى كنيسة سان مارك في شبرا لسنواتٍ عدّة، كنّا نجتمعُ كلَّ أسبوعٍ مساءَ الجمعة لنتبادلَ اختباراتِ كلمةِ الحياة.
أتذكّرُ أن اختباراتِنا الأولى أنا وصديق العمر ممدوح عزمي كانت حول رؤية يسوع في الآخرين، أي مرضى الجذام الذين كنّا نزور محميَّتهم كلَّ أسبوعٍ مع هيئة كاريتاس مصر.
• الرائع أنّه في السنة التالية مباشرةً، أي في مارس ١٩٨٠، استطعنا نحن مجموعة شباب وشابّات مصر، تنظيمَ يومَ اللقاء السنويّ، وأُعْطِيَت الموضوعات والاختبارات كلُّها باللّغة العربيّة. أمّا مجموعة لبنان فلقد حضرت معنا اللقاء بصفة ضيوف.

 كيف و متى وصل الفوكولاريني إلى مصر؟
• إنّها قصّةٌ جميلةٌ واختبارٌ مهمٌّ جدًّا، بدأت عندما سافرنا إلى إيطاليا فى صيف عام١٩٨٠، لحضور مؤتمرٍ للشباب، وكنّا خمسة أشخاصٍ (أنا، ممدوح عزمي، موريس حنّا، نادية وديع، ولوريس حنّا). وقد زرنا، نحن الشباب، مدينة لوبيانو (هي مدينةٌ نموذجيّةٌ تُعاشُ فيها روحانيّةُ الفوكولاري)، وذلك لمدّة أربعة أيّام.
فى لوبيانو، إلتقينا بفوكولارينو اسمه جوزيف أسود. وفكّرنا بإرسال خطابٍ إلى كيارا لوبيك، نخبرُها فيه عن حياة المجموعة فى مصر، وكيف نعيشُ كلمة الحياة، وقُلنا لها إنّ مجموعة مصر تنمو يومًا بعد يوم، وإنّ عدَدَها فى ازديادٍ مستمرّ، ونحن بحاجةٍ إلى فوكولاريني في مصر. وقد ترجم جوزيف أسود هذا الخطاب إلى اللّغة الإيطاليّة. أرسلناه إلى كيارا ونحن ما زلنا في لوبيانو. وفي الحقيقة، كان ردُّ كيارا أسرع ممّا تصوَّرنا بكثير. لبَّت طلبََنا بعد حوالي ستّة أو سبعة أشهر فقط.
• و فى يناير ١٩٨١ وصلت ماريبا وماريز، ومعهما أليتّا وهي من الفوكولارينه الأوائل. إسْتقبَلَهُنّ الأب بينوش في مطار القاهرة وأوصلهنّ إلى مدرسة الراعي الصالح في شبرا، وكنّا جميعًا شباب و شابّات مصر فى انتظارهنّ في المدرسة ليلاً، على الرغم من السيول وانقطاع التيّار الكهربائيّ عن شبرا كلِّها. كانت لحظاتٌ جميلة، لا تُنسى أبدًا. وبعد أسبوع، سافرت أليتّا، وبقيَتْ معنا ماريز وماريبا لسنواتٍ عدّة. وكان أوّلُ بيتٍ لفوكولارينه البنات داخل مدرسة الراعي الصالح في شبرا .
• بعدها بحوالَيْ ثلاث سنوات، أي فى عام ١٩٨۳، أرسلت لنا كيارا الفوكولاريني الشباب وكان أوّلُهم بيار بعقليني (لبنانيّ) وقد بقيَ لسنواتٍ طويلةٍ فى مصر. جميلٌ أن يكون الفوكولاريني اللبنانيّون وكلّ الذين جاؤوا إلى الشرق الأوسط مرّوا بغالبيّتِهم في مصر وعاشوا فيها لفتراتٍ مختلفة.
• بعد ذلك بدأنا فى سوهاج ( صعيد مصر) عام ١٩٨٥ بدعوةٍ من سيّدِنا الأنبا مرقص حكيم (مطران سوهاج للأقباط الكاثوليك) آنذاك. وافْتُتِحَ هناك بيتُ للفوكولاريني البنات في فبراير عام ١٩٩٥.

أمّا أنا، فقد ارتبطتُ بالمجموعة منذ معرفتي بها، أي منذ أربعين سنة حتّى يومنا هذا. عشتُ هذه المغامرة الرائعة منذ حداثة سنّي، سنّ الشباب ومن ثمّ في قلب العائلة والمجتمع، فواكبتُ أجيالاً وأجيالا.
وها نحن نختمُ أربعين سنة، ونحتاجُ لفحص ضميرٍ ومراجعةٍ مستمرّةٍ لقوّة الوحدة ولحضور يسوع فى وسط هذه العائلة المصريّة.
مع بداية سنة جديدة، سنة ال ٢٠٢٠ ، تستمرّ مغامرة الوحدة ويستمرّ الإختبار الروحيّ لأعضاء المجموعة وهو ينمو ويكبر. ومع احتفالنا هذا العام بمئويّة ميلاد كيارا لوبيك، نتمنّى أن يحتفلَ أبناؤنا وأحفادُنا بمئويّة وجود المجموعة فى مصر.

مجدي حلمي

Spread the love