وجدتُ السلام
“أعملُ ممرّضًا في قسم التنفّس الإصطناعيّ في مستشفى. عندما اكتشفتُ أنّ نتيجة فحص الكورونا الذي أجريته كانت إيجابيّة، دخلتُ بحالة صدمة ورفض تامّ. لطالما اعتقدتُ أنّ احتمال انتقال الفيروس داخل الجناح ضئيلٌ جدًّا لأنّنا استخدمنا معدّات الحماية الشخصيّة بدقّة. خلال الأسبوع الأوّل من العزلة قلقتُ كثيرًا وبدأتُ أسأل الله: “لماذا سمحتَ بكلّ ما يحدث؟”.
تذكّرتُ العديد من الخبرات التي عشتها أثناء العمل ومَنحتني السلام. كنتُ أهتمّ بتحضير مريض كوفيد توفّي منذ لحظات. طُلبَ منّي إنهاء العمل بسرعة لتقليل مخاطر العدوى. قلتُ لنفسي: “هذا المريض هو أمٌّ أو أختٌ أو زوجةٌ لشخصٍ ما بمعزلٍ عن حالة الكوفيد، وهو بحاجةٍ إلى التنظيف الجيّد والإستعداد بعناية”. بنهاية مناوبتي، شعرتُ أنّني قمتُ بما هو صحيح، وتمكنّتُ من النوم بسلام. في أحيانٍ أخرى، كنتُ أبقى لفترةٍ طويلةٍ في غرفة مريض كوفيد لأتحدّثَ معه قليلاً نظرًا للإكتئاب الذي يُعاني منه العديدُ من المرضى بسبب العزلة الطويلة، وأتذكّرُ أنّي كنتُ أشعر بالإرهاق بنهاية المناوبات، لكنّني كنتُ أقدّمُ تعبي لله من أجل المرضى ومعاناتهم.
بعد إصابتي بكورونا، تساءلتُ: “أهكذا تتمُّ مكافأتي على الجهد الذي بذلته للمحبّة بتعرُّضي لهذا الفيروس القاتل؟”. عندما فكّرتُ بمحبّة يسوع المصلوب اللاّمتناهية وبرحمته العظيمة، وجدتُ الجواب على سؤالي: كلُّ ما يحدثُ لنا هو جزءٌ من مخطّطٍ أكبر لله علينا ونحن بمحدوديّتنا لا نرى بوضوح، والأرجح أنّنا في المستقبل أيضاً سوف نمرُّ بتجاربَ أخرى، ولكن من المؤكّد أنّنا سنُعطى النعمة للتعامُل معها، هكذا وجدتُ السلام من الجديد”.
يأتي هذا الإختبار في فترة تحتفل فيها الكنيسة بيوم المريض العالميّ في الحادي عشر من فبراير من كلّ سنة، منذ أن أسّسه البابا القدّيس يوحنّا بولس الثاني سنة ١٩٩٢. نقترحُ عليكم مقتطفاتٍ من رسالة البابا فرنسيس ليوم المريض لهذه السنة ٢٠٢١:
“إنّ وصيّة المحبّة التي تركها يسوع لتلاميذه تتحقّق بصورةٍ ملموسةٍ في العلاقة مع المرضى. ألمجتمع الإنسانيّ هو الذي يعرف أن يعتنيَ بأفراده الضعفاء والمتألّمين، ويعرف أن يقومَ بذلك بكفاءةٍ يُحرّكها الحبُّ الأخويّ. لِنسعَ إلى هذا الهدف: ألّا يبقى أحدٌ وحده، وألّا يشعر أحدٌ بأنّه مُبعَدٌ أو مخذول”.
“إنّ القُربَ من الآخَر هو بَلْسمٌ ثمين، فيه سندٌ وعزاءٌ لِمَن يُعانون من المرض. للمسيحيّ، إنّ القربَ من الآخر هو تعبيرٌ عن محبّة يسوع المسيح، الذي جعل نفسه، برأفته، قريبًا من كلّ إنسانٍ مجروحٍ بالخطيئة. مُتّحدين معه بقوّة الروح القدس، نحن مدعوّون لنكونَ رحماءَ مثل الآب فنُحِبّ، على وجه الخصوص، إخوتَنا المرضى والضعفاء والمتألّمين، وذلك بصورةٍ شخصيّةٍ أو جماعيّة”.
“حتّى يكونَ العلاجُ ناجحًا، الجانبُ العلائقيّ له دورٌ حاسم. فمن خلاله يمكنُ أن يتِمَّ التعامُلَ مع المريض بصورةٍ شاملة. إنّ التركيز على “العلاقة” مع المريض يساعد أيضًا الأطبّاء والممرّضات والمهنيّين والمتطوّعين، على الإهتمام بالذين يتألّمون، فيرافقونهم في مسيرتهم نحو الشفاء، وذلك بإنشاء علاقة ثقةٍ شخصيّةٍ بين المريض وبين من يعتني به”.المئة ضعف رغم الحجر.

إعداد حياة فلاّح

Spread the love