هي ثورة

تَعتبر نصوصُ المجمع الفاتيكانيّ الثاني “إنّ العلمانيّين هم الذين انضمُّوا إلى جسد المسيح بالمعموديَّة، واندمجوا في شعب الله، وجُعِلوا شركاء، على طريقتهم، في وظيفة المسيح الكهنوتيَّة والنبويَّة والمُلوكيَّة. يمارسون، كلٌّ منهم مِن موقعه وفي مجال عيْشه وعمله، في الكنيسة وفي العالم، الرسالة التي هي رسالة الشعب المسيحيّ، ودعوتهم أن يطلبوا ملكوت الله من خلال إدارة الشؤون الزمنيَّة التي ينظّمونها بحسب ما يرون فيه رضا الله”.
إنّ الِإلتزامَ بتغيير العالم وتطوير هيكليّاته يدخلُ ضمن صِلْبِ دعوة العلمانيّين في المجتمع. فإلتزامُهُم بعَيْش الكلمة يُشكّلُ مساهمةً فاعلةً في نشرها في الأماكن التي يتواجدون فيها، فيسوع يرغب بالعيْش في البرلمان، في المحكمة، في المستشفى، في البيوت. هل تتصوّرون كيف سيُصبح حينئذٍ العالم مع الوقت!
إنّ شقاءَ الناس سَبَبُهُ تقصيرهم في عيْش دعوتهم كعلمانيّين والاِكتفاء بالموقف المحايد أمام الأحداث الأشدّ إيلامًا. إنّ إيصالَ الرسالة المسيحيّة يتَطلّبُ توزيع الأدوار بين الكهنة والعلمانيّين، فاِبنُ الإنسان كان يُمكنه أن يخلّصَنا دون أن يأتيَ على الأرض ويُصْلَبَ وِفقاً للمنطق اليهوديّ، إلّا أنّه اختار محبَّتَنا حتّى الرمق الأخير لِيتمَّ مشهدُ الخلاص.
في هذا الإطار وبالإضافة إلى هذه المبادرات الفرديّة في كلّ مكان، يمكن التطرّق إلى مبادراتٍ عديدةٍ حول العالم، هدفُها التعاضد والتغيير، فبَعْدَ فشلِ الاِقتصاد الرأسماليّ في الإجابة على مشاكل الإنسان، طرحَتْ كيارا لوبيك ثقافةً جديدةً سُمِّيَتْ “ثقافة العطاء”، تجسّدتْ بشكلٍ أوضح من خلال “اِقتصاد المشاركة” الذي يُطبَّق في أكثر من ألف شركةٍ حول العالم تُشارِكُ بقسمٍ من أرباحها في سبيل مساعدة الفقراء والتنمية المُستدامة.
وأخيرًا، لا يكفي القيام ببعض الأمور الدينيّة بل، علينا تحويل أنفسنا كأداةٍ لتغيير العالم مِن خلال عيْش الكلمة بجدّيّة وعمق، فنفتحَ لها المجال لِتغْييرنا من الداخل عبر عيْش مسيرةٍ روحيّةٍ تليقُ بأبناء الله، لم يأتِ المسيح إلّا ثائرًا.

                                                                                                                              جان نمّور

محامي وكاتب لعدد من الدراسات القانونيّة

Spread the love