هي الأهمّ
أعملُ في شركة هندسة، ودوام العمل طويلٌ ومُتعب، بخاصّةٍ في حضور المدير الذي يصلُ إلى المكتب نصف ساعةٍ قبل انتهاء الدوام، ويبدأ بطلباتٍ تحتاجُ إلى وقت طويلٍ لإنجازها.

وهذا أمرٌ يثيرُ عصبيّتي ويستفزُّني. فنهاري يبدأ عند السادسة صباحًا، ولديّ ارتباطاتٌ عدّة، وعملٌ في البيت، ويجب أن أنجزَ كلّ ذلك دون أن أقصّر بشيءٍ في ما يخصّ متطلّبات العائلة.

ذات يوم قلتُ لزوجي: “آمل ألّا يؤخّرَنا المديرُ اليوم لأنّني وأخيرًا سألتقي رفيقاتي”.

وفي نهاية النهار ونحن نهمُّ بالمغادرة قلتُ: “الحمد لله، لقد انقضى النهار على خير”. ولكن، لا… وصل المدير، كالعادة، قبل ربع ساعة من انتهاء الدوام وطلب إتمام عملٍ ضروريّ بحاجةٍ لوقت طويل.

غضبتُ كثيرًا لأنّي كنت ملتزمةً بموعدٍ مع أصحابي. ولكن، تمنّت عليّ زميلتي بالعمل ألّا أتركَها وحدها. وفكّرت في نفسي: “ما الأهمّ؟ فهمتُ أنّه كان من الواجب عليّ أن أتخلّى عن لقائي بأصدقائي وأختار أن أُحبَّ زميلتي التي وجدت نفسها في ورطة. بقيتُ ساعةً إضافيّة، ولكنّي شعرتُ في قلبي بفرحٍ كبيرٍ وبسلامٍ داخليّ عميق. فهمتُ ماذا يعني أن أتخلّى عمّا كنت قد خطّطتُ له من أجل إسعاد الآخرين.

رانيا

Spread the love