هلُمّوا بنا
“هلُمَّ بِنا إِلى بَيتَ لَحم، فَنَرَى ما حَدَثَ، ذاكَ الَّذي أَخبَرَنا بِه الرَّبّ” (لو ٢، ١٥)، هذا ما قاله الرعاة بعد بشارة الملائكة. إنّه تعليمٌ جميلٌ للغاية، يأتينا في وصفٍ بسيط. يشهد الرعاة لما هو أساسيّ، أي للخلاص الذي أُعطيَ لهم، على عكسنا نحن الذين نسعى القيام بألف شيءٍ وشيء، متغافلين عمّا هو الأهمّ. إنّ الرعاة هم الأكثر تواضعًا والأكثر فقرًا، إنّهم من عرف كيف يستقبل حدث التجسّد.
أتى اللهُ للقائنا في الطفل يسوع، فاستجاب الرعاة وانطلقوا للقائه بالحبّ والإمتنان. إنّ هذا اللقاء بالتحديد بين الله وأبنائه، بواسطة يسوع، هو الذي يعطي الحياة لدِيانَتِنا، ويصنعُ جمالَها الفريد الذي يتألّق بطريقةٍ خاصّةٍ في مغارة الميلاد.
ونحن؟ هل مررنا أمام حدث الميلاد ولا زلنا نمرُّ مشتّتين، مسرعين، لا مبالين أو ملهيّين باحتياجاتنا التي لا تنتهي؟
كيف عشتُ أنا عيد الميلاد؟ هل مرّ عليّ ككلّ سنةٍ مرورَ الكرام، جاعلاً منّي مستهلكًا يبغي تجديد ملابسه وإعداد الهدايا؟ في أيّ جوًّ وضعتُ نفسي؟ هل كنتُ متناغمًا في أفكاري وتصرّفاتي مع جوهر عيد الميلاد؟ هنيئًا لي إن استطعتُ هدمَ جدار اللامبالاة في هذا العيد، وهنيئًا لي إن كنتُ قد وجدتُ سبيلاً إلى العطاء والمشاركة! ولكن، إنْ فشلت، فها هي سنةٌ جديدةٌ تمنحني فرصًا جديدة! فرصَ المبادرة والإلتزام!
لِنُخرِج تراثَنا الإنسانيّ إلى النور، لنَستثمِر رواسبَ الذهب التي في داخلنا، فنحارب سمومَ التعصّب واللامبالاة والجشع والكراهية والغضب والإقصاء، كلّ تلك الأشياء التي تحرمنا حرفيًّا من فرحة العيش وتُدخِلُنا إلى “شرِّ الحياة”. إن استطعنا ذلك فسوف تتخطّى هديّتنا هذه زمن الميلاد أو بداية سنةٍ جديدة، لتكونَ عملاً مستمرًّا يضعنا في جهوزيّةٍ تامّة، يغلّفُها قلبٌ خيّرٌ كريم، وتقدّمُها يدٌ ممدودةٌ معطاء…
ريما السيقلي
Spread the love