كلّ يوم يَمُرّ يَجْعَلُكَ تقفُ على عتبة خياراتٍ عِدَّة قبل أن تتَّخِذَ قراراتك! فَمِنْها ما يجبُ أن يُتّخَذَ بسرعةٍ وبشكلٍ بديهيّ، ومنها ما يتطلَّبُ منكَ تدقيقًا ودراسةً أعمق. حين يُدَغْدِغ الصُبْحُ عينيك، تنهضُ من فراشكَ وتقرِّر الفطور الذي تَوَدُّ تناولَه ومن ثمّ تقفُ أمام خِزانتِك تختار الثياب المُلائمة… وهكذا من خَيارٍ إلى آخر حتَّى المساء.
ولكن كيف تَهِبُ كلَّ عَمَلٍ تقوم به قيمتَهُ الحقيقيّة، انطلاقاً من أبْسَطِ الأعمال إلى أكثرها تعقيدًا؟ عليك بكلّ بساطةٍ استعمال النظَّارات الملائمة، المُلوَّنة بِلَوْنٍ من ألوان قوس القزح السبعة المتناسقة:
فحين أذهب مثلاً لابْتِياع الحاجيات، أحاول أن أدقِّقَ مَلِيًّا باللاّئحة الطويلة، فلا أنْزَعِج إن أنا اكْتفَيْت بشراء ما هو ضروريّ وتحرَّرتُ من ضغوطات السوق الإستهلاكيّة والتي تُكَبِّلُ حُرِّيَتي، وحين أبْتاعُ غرضًا ألتزِمُ بما يتماشى مع تشجيع الإنتاج المحليّ فَتَصْطَبِغ نظَّارتي باللَّون الأحمر.
وإن قرَّرْتُ إعادة بناء علاقةٍ كانت قد تَدَهْوَرَتْ حالُها، مع جيراني مثلاً، بَدَلَ البقاء مَكتوفَ الأيدي أمام البرامج التلفزيونيّة أتلقّى ما أشاهد بشكلٍ سلبيٍّ من دون أيّ ردَّة فِعْل، وإن حاولتُ بناءَ الجماعة من حولي، سَتَصْطَبِغُ نظَّارتي حتمًا باللَّون البُرْتُقاليّ.
وإن سَهِرْتُ على عَدَمِ هَدْرِ المياه وحافظتُ على ما يُمْكِن إعادة تأهيله، وإن فكَّرت في قضاء وقتٍ أقلّ داخل المراكز التجاريَّة وارْتَمَيْتُ في أحضان الطبيعة أتنزَّه وأستَرْخي، ومارَسْتُ الرياضة للحفاظ على ليونة جسدي ورشاقتِه فها أنا أضَعُ النظَّارات الخضراء.
وإن عَرَفتُ كيف أُقَرِّب بين الثقافة والتَكْنُولوجيا وجعلتُ من هذه الأخيرة فُرْصَةً لِخَلْقِ روابط حقيقيَّة، فأنا ألبِسُ النظَّارات البنفسَجِيَّة.
وإن اهْتَمَمْتُ بكلّ بساطة بِتَوْضيبِ غرفتي وتناسُق منزلي فنظَّارتي ستكون زرقاء اللَّون، وإن اتَّخَذتُ وقتًا أغوصُ فيه في أعماقِ ذاتي واعْتَنَيْتُ بِغِذائي الرّوحيّ، فنظَّارتي صفراءُ اللَّون، وإنْ صَقَلتُ مَعْرِفتي فلَوْنُها يُصبح نيليًّا.
إن عَرَفتُ كيف أُعطي كلّ عملٍ أقوم به قيمته الحقيقيَّة وبُعْده الحقيقيّ فأنا أكلِّلُهُ بالنور فَيَلْبس يومي قوس قزح وأصبحُ ما أَرْغَبُ أن أكونَ عليه.
ريما السيقلي