نصبح إخوة بالتقدّم معًا

حدّد البابا فرانسيس ثلاثة أمور تدمّر “الأخوّة”. (…) “في زمنٍ يتمّ فيه التساؤل حول الأخوّة والعيش المشترك بسبب الظلم والحروب، (…) هناك ثلاثة جذور لهذه الآفات وهي “عدم معرفة الآخَر، غياب الإصغاء للآخَر، ونقص المرونة الفكريّة”. ثلاثة عيوب “تدمّر الأخوّة لذا وجب تحديد هويّتها بشكلٍ جيّد لإستعادة الحكمة والسلام.

يتحدّث ميشيل يونس اللاهوتيّ، وعميد كليّة اللاهوت في الجامعة الكاثوليكيّة في ليون، عن وثيقة الأخوّة الإنسانيّة وذلك بعد مرور خمس سنوات من توقيعها.

ماذا كانت تُمثّل في ذلك الوقت هذه الوثيقة؟
في ٤ فبراير ٢٠١۹، جاءت وثيقة الأخوّة الإنسانيّة تطلق صرخةً نبويّة! إنّ الحديث عن وثيقة الأخوّة الإنسانيّة التي وقّعها بابا الكنيسة الكاثوليكيّة، البابا فرنسيس، وشيخ الأزهر الإمام الأكبر أحمد الطيّب هو حدثٌ قائمٌ بحدّ ذاته. لم يحدث ذلك أبدًا من قبل. حتّى تلك اللحظة، كان الكاثوليك يتحدّثون إلى المسلمين، والمسلمون يتحدّثون إلى المسيحيّين، ولكن، كلُّ جهةٍ تتحدّثُ لِجِهَةٍ أخرى. أمّا هنا، فيتحدّث قائدان مرموقان معًا ولأوّل مرة، باسم إيمانهما بالخالق الواحد، ويستندان إلى مصادرهما وتقاليدهما المتبادلة لتوضيح ضرورة التواصل بين الجميع كإخوة.

ما هي طموحات هذه الوثيقة؟
أكّد نداء الوثيقة، وبقوّة، أنّ التطرّف هو انحرافٌ عن تعاليم الأديان. وذكّر أنّ الإسلام والمسيحيّة يحظّران القتل وذلك بإسم قدسيّة الحياة، كما يدعوان الجميع إلى العيش كإخوة.

أنت تنظّم مؤتمرًا دوليًّا لتقييم استقبال هذا الوثيقة. ما هي المحدوديّات التي تراها، وما هي الثمار التي نقطفها اليوم بعد مرور خمس سنوات؟
أرى أنّه، في مجموعات البحوث اللاهوتيّة، نستخدم مفهوم “الأخ” بشكلٍ أكبر للنظر إلى الآخَر وفقًا لكرامة الإنسان التي تمنحُها هذه الصفة. لكنّنا نرى أيضًا أنّ مفهوم الأخوّة في بعض الأحيان لا يكفي، ففي الكتاب المقدّس، كان هابيل وقابيل إخوة، ومع ذلك أقدمَ أحدُهما على قتل الآخر. لذا، وبالطبع، يُمكننا أن نقول إنّنا إخوة، ولكن هذا لا يُزيل المنافسة أو الإستبعاد. يجب أن نعملَ حتّى تُصبحَ الأخوّةُ هي المبدأ، وذلك يتطلّب منّا لقاءً لإعادة التفكير بذكرياتنا المؤلمة، ويتطلّب منّا العمل معًا لتقليل الظلم، ودعم الفقراء، والعناية بكوكبنا. نصبحُ إخوة، ليس من خلال البقاء في نوعٍ من المواجهة التي تثير المنافسة بيننا، ولكن من خلال وقوفنا جنبًا إلى جنب للمضيّ قُدُمًا معًا.

ماذا عن الحرب في غزّة في نطاق هذا البيان؟
لا يزال الدّين متورّطًا في العديد من النزاعات الجيوسياسيّة، ونحن مرّةً أخرى في سياقٍ متوتّرٍ للغاية في الشرق الأوسط. ماذا يمكن أن يعني التحدّث عن “الأخوّة” عندما تكون العلاقات مؤلمةً ومتضرّرةً ويائسة؟ أي عندما لا نعتبرُ الآخَرَ بعد كأخٍ بل كعدوّ؟ أرى ضرورةَ إعادةِ إدراجِ الأخوّة في القلب، لأنّنا نرى بوضوحٍ ما يحدث عندما تغيب. وهذا هو الجانب المظلم، ففي كلّ مرّةٍ يُعامَلُ فيها الآخَرُ كعدوّ، هناك خطرٌ حقيقيٌّ بالحرب واستبعاد الآخَر. يمكننا أن نتساءل ما هي فائدة الأخوّة، لكنّي أودّ أن أطرح السؤال بشكلٍ مغاير: ماذا يحدث للعالم من دون الأخوّة؟

La Croix – Recueilli par Marguerite de Lasa 7 février 2024
المدينة الجديدة
Spread the love