نربحُ بالتخلّي
يخبرُنا صيّادٌ في الهند كيف تُصطادُ القرودُ في الريف هناك. إنّهم يصنعون فتحةً ضيّقةً في صندوق، تسمح للقرد أن يُدخِلَ فيها يَدَهُ فارغة. ثم يضعون في الصندق جوزةَ بُندقٍ شهيّة. يُدخِلُ القردُ يده ويُمسِكُ بالجوزة، فتصير قبضةُ يده كبيرةً بحيث لا يعود يستطيع أن يَسْحَبَها، لذا عليه أن يختارَ بين أمرين: إمّا أن يترُكَ جوزة البندق ويذهبَ حُرًّا أو أن يتعلَّقَ بها ويبقى في الفخّ المنصوب له. وغالبًا ما يختارُ القرد التمسُّكَ بجوزة البندق.لا يختلفُ موقفُ القرد عن موقِفِنا كثيرًا عندما نريدُ أن نتبعَ الله. فنحن نريدُ أن نتبعَهُ وفي الوقت نفسه نريدُ أن نتمسَّكَ بأمرٍ آخر قد يَمْنَعُنا من اتِّباعه. بتعبيرٍ آخر، ترمزُ جوزةُ البندق التي في يد القرد إلى ما علينا أن نترُكَهُ إذا أردنا أن نتبعَ اللهَ اتّباعًا حرًّا حقيقيًّا.
حينما نتكلّمُ عن الحرّيّة، علينا أن نعودَ إلى بدء الخلق: لقد خلقنا اللهُ أحرارًا على صورته ومثاله. ولكلمة حرّيَّةٍ معانٍ عِدّة. قد تعني ألّا أكونَ سجينًا، وقد تعني إمكانيّةَ القيام بهذا الأمر وذاك، أو الاختيارَ بين هذا الأمر أو ذاك.
أمّا الحرّيّة الروحيّة التي نتكلّم عنها الآن فتعني التمسُّك بالقوّة التي تُحفّزُني والتي زرعَها اللهُ في داخلي، تُساعدني على السير في طريق الخير والحياة. وقد تقودُني إلى الإلتزام، أي إلى الإرتباط نوعًا ما، إنْ في الحياة الزوجيّة أو الحياة المُكرَّسة، أو حياة الخدمة، الخ…
لكنّي في الوقت عينه أختبرُ في نفسي قوّةً أخرى تقاوِمُ هذا الالتزام وتمنعُني من الرؤية بوضوحٍ وتُضلِّلُني عن الخير الذي أراه. ولهذه القوّة المُمانِعة إسمٌ: إنّها الإنسانُ العتيق الذي فيَّ وغايتُهُ هلاكي.
فَفِيَّ إذًا نوعان من الأفكار، أفكاري التي تأتيني من الروح الصالح، والأفكار التي تأتيني من الشرير.
كما علينا أن ندركَ أنّ هناك حالتين أساسيّتين.
أوّلاً: حين أسيرُ في طريق السوء (كالإبن الضال مثلاً)، يفتخرُ إبليسُ بذلك ويغويني ولهذه المرحلة ثمارٌ واضحة: كذبٌ وطمعٌ وكسلٌ وإدمان، ملذّاتٌ دنيئة وتراجعٌ وقنوطٌ وانتحار… وفي هذه المرحلة يكون صوتُ الروح القدس قويًّا عنيفًا إذا صحّ القول، لأنّه يُبحر بي بعكس التيّار، فأشعرُ بالأسف و تأنيب الضمير.
ثانيًا: حينما أسير في طريق الصلاح، يَهبُني الروح القدس تذوُّقًا ومعنًى جديدًا للحياة التي أعيشُها ويَمْلؤني صلاحًا واندفاعًا وشجاعةً وهدوءًا وقوّةً وبصيرة… أمّا الإنسانُ العتيق في هذه المرحلة بالذات، فيُثيرُ ضجّةً ويخلقُ فيَّ قلقًا، مُتَذَرِّعًا بأسبابٍ واهية، ويُدخِلُ النفسَ في الحزن والضبابيّة. ومن عادته في هذه الأثناء أن يوحِيَ لنا بتبريراتٍ مقنعةٍ كي لا نقومَ كما يجب، بالصلاة والتأمّل أو الخدمة المطلوبة مِنّا.
فالمسألة، كلُّ المسألة، هي معرفةُ ما هو صالحٌ للإلتزام به. ويكون ذلك بالقدرة على التمييز وهي ثمرةٌ من ثمار الروح.
لذا، هناك قاعدةٌ أساسيّةٌ أدعوكَ إليها عزيزي القارئ وهي:
حين لا تسيرُ الأمورُ على ما يرام وتشعُرُ بالقلقِ والإكتئاب، وتكونُ في تَضَعْضُعٍ وانزعاج، لا تقرِّرْ شيئًا بل أُصْمُدْ!
وحين تسيرُ الأمورُ على ما يرام وتشعر بالسعادة مع الإحساس بالإتّحاد بالله و بالاستنارة الروحيّة، عندئذٍ تستطيعُ أن تستفيدَ من هذه الحالة، فتتقدَّم وتُبادر.
يريدُنا اللهُ أن نكونَ سعداء، خُلِقْنا لنعيشَ ونكونَ بالقُربِ منه، نتأمَّل فيه ونَتَشَبَّه به.
فما الذي يمنعُنا من ذلك؟ هل هناك ”جوزة بندقٍ” في حياتي أنا بحاجةٍ لأن أتحرَّرَ منها كي أتبع الله وأحيا بحسب مشيئته؟
حينما نتكلّمُ عن الحرّيّة، علينا أن نعودَ إلى بدء الخلق: لقد خلقنا اللهُ أحرارًا على صورته ومثاله. ولكلمة حرّيَّةٍ معانٍ عِدّة. قد تعني ألّا أكونَ سجينًا، وقد تعني إمكانيّةَ القيام بهذا الأمر وذاك، أو الاختيارَ بين هذا الأمر أو ذاك.
أمّا الحرّيّة الروحيّة التي نتكلّم عنها الآن فتعني التمسُّك بالقوّة التي تُحفّزُني والتي زرعَها اللهُ في داخلي، تُساعدني على السير في طريق الخير والحياة. وقد تقودُني إلى الإلتزام، أي إلى الإرتباط نوعًا ما، إنْ في الحياة الزوجيّة أو الحياة المُكرَّسة، أو حياة الخدمة، الخ…
لكنّي في الوقت عينه أختبرُ في نفسي قوّةً أخرى تقاوِمُ هذا الالتزام وتمنعُني من الرؤية بوضوحٍ وتُضلِّلُني عن الخير الذي أراه. ولهذه القوّة المُمانِعة إسمٌ: إنّها الإنسانُ العتيق الذي فيَّ وغايتُهُ هلاكي.
فَفِيَّ إذًا نوعان من الأفكار، أفكاري التي تأتيني من الروح الصالح، والأفكار التي تأتيني من الشرير.
كما علينا أن ندركَ أنّ هناك حالتين أساسيّتين.
أوّلاً: حين أسيرُ في طريق السوء (كالإبن الضال مثلاً)، يفتخرُ إبليسُ بذلك ويغويني ولهذه المرحلة ثمارٌ واضحة: كذبٌ وطمعٌ وكسلٌ وإدمان، ملذّاتٌ دنيئة وتراجعٌ وقنوطٌ وانتحار… وفي هذه المرحلة يكون صوتُ الروح القدس قويًّا عنيفًا إذا صحّ القول، لأنّه يُبحر بي بعكس التيّار، فأشعرُ بالأسف و تأنيب الضمير.
ثانيًا: حينما أسير في طريق الصلاح، يَهبُني الروح القدس تذوُّقًا ومعنًى جديدًا للحياة التي أعيشُها ويَمْلؤني صلاحًا واندفاعًا وشجاعةً وهدوءًا وقوّةً وبصيرة… أمّا الإنسانُ العتيق في هذه المرحلة بالذات، فيُثيرُ ضجّةً ويخلقُ فيَّ قلقًا، مُتَذَرِّعًا بأسبابٍ واهية، ويُدخِلُ النفسَ في الحزن والضبابيّة. ومن عادته في هذه الأثناء أن يوحِيَ لنا بتبريراتٍ مقنعةٍ كي لا نقومَ كما يجب، بالصلاة والتأمّل أو الخدمة المطلوبة مِنّا.
فالمسألة، كلُّ المسألة، هي معرفةُ ما هو صالحٌ للإلتزام به. ويكون ذلك بالقدرة على التمييز وهي ثمرةٌ من ثمار الروح.
لذا، هناك قاعدةٌ أساسيّةٌ أدعوكَ إليها عزيزي القارئ وهي:
حين لا تسيرُ الأمورُ على ما يرام وتشعُرُ بالقلقِ والإكتئاب، وتكونُ في تَضَعْضُعٍ وانزعاج، لا تقرِّرْ شيئًا بل أُصْمُدْ!
وحين تسيرُ الأمورُ على ما يرام وتشعر بالسعادة مع الإحساس بالإتّحاد بالله و بالاستنارة الروحيّة، عندئذٍ تستطيعُ أن تستفيدَ من هذه الحالة، فتتقدَّم وتُبادر.
يريدُنا اللهُ أن نكونَ سعداء، خُلِقْنا لنعيشَ ونكونَ بالقُربِ منه، نتأمَّل فيه ونَتَشَبَّه به.
فما الذي يمنعُنا من ذلك؟ هل هناك ”جوزة بندقٍ” في حياتي أنا بحاجةٍ لأن أتحرَّرَ منها كي أتبع الله وأحيا بحسب مشيئته؟
جوزيف يعقوب