مقدار الحبّ الإلهيّ

خلال الفترة الأخيرة اضُطرَّ الملايين من البشر حول العالم الإلتزامَ بالتباعُد الإجتماعيّ والبقاء في المنازل لأسبابٍ صحيّة، ممّا شكَّل بالنسبة للغالبيّة صعوبةً كبيرةً وواقعًا جديدًا وجب التأقلُمُ معه. في هذا الإطار، ومن خلال عَيْشِنا لروحانيّة الوحدة “ليكونوا بأجمعهم واحدًا”، تعلّمْنا تحدّي الصعوبات بطريقةٍ إيجابيّة، فنحن نؤمنُ بمحبّة الله لنا، وكجوابٍ على محبَّتِه، نلتزمُ بمحبّة القريب في اللحظة الحاضرة.
خلال فترة ثلاثة أشهر من العزل الإجتماعيّ، وجدتُ فرصًا كثيرةً لمحبّة من حولي من خلال المشاركة في الأعمال المنزليّة وتربية الأولاد، ممّا خلق أجواءً إيجابيّةً داخل العائلة، بالإضافة إلى أنّني استفدتُ من الوقت لقراءة بعض الكتب، ومشاهدة الأفلام التثقيفيّة، وتعلُّم مهاراتٍ جديدة، لاسيّما حول كيفيّة تنظيم الوقت والتواصل مع الآخرين وغيرها.
يبقى الأهمّ أنّه وخلال هذه الفترة، بالإضافة إلى الصلاة الفرديّة والعائليّة، قُمنا مع مجموعةٍ من الأصدقاء بشكلٍ أسبوعيّ بتنظيم إجتماعٍ عبر وسائل التواصل يتمّ من خلاله مناقشة مقتطفات من الإنجيل، ممّا خلق لدينا أجواءً روحيّةً مشبّعةً بالفكر المسيحيّ.
في هذا الإطار، كنت في الكثير من الأوقات أطرحُ على نفسي سؤالاً عن مقدار محبّة الله للإنسان، وكنت أعتقد أنّ اللهَ الآب يحبّ يسوع أكثر منّي، إلى أن اكتشفت من خلال هذه الحلقات مقتطفًا من إنجيل يوحنا (١٧/٢۳) يفيدُنا حول مقدار محبّة الله لنا:
” أنا فيهم وأنتَ فيّ ليبلغوا كمال الوحدة ويعرف العالم أنّك أنتَ أرسلتني، وأنّك أحْبَبْتهم كما أحْبَبْتني”.
هذه الآية من الإنجيل كانت بالنسبة لي درسًا عميقًا في محبّة الله، أدّى إلى ثورةٍ في داخلي غيّرت الكثير من المفاهيم: فالآب يُحبُّني كما يُحبُّ الإبن بشكلٍ لا محدود، ومحبّتُهُ دعوةٌ لنا لعَيْشِ الوحدة في ما بيننا، كأبناءٍ له، كون محبّة الله اللاّمتناهية تُظلّلُنا ورحمتُهُ تغفرُ لنا، فنعيش في أجواٍء مناسبةٍ لتحقيق دعوة القداسة.

جان نمّور

Spread the love