مغارة الميلاد
نضع غالبًا في مغارة الميلاد العديدَ من الشخصيّات والتي لربّما لا علاقة لها بقصص الإنجيل، مثل الحدّاد، والخبّاز، والعازفين، والنساء اللواتي يحملن أباريق الماء، الخ…
يقول البابا فرنسيس: “كلُّ هذا يُمثّل القداسةَ اليوميّة، وفرحَ القيام بالأشياء العاديّة بطريقةٍ فريدةٍ ورائعة، وذلك كلّما شارَكَنا يسوع بحياته الإلهيّة. فبولادته في المغارة، يبدأ الله من عنده بثورةٍ حقيقيّةٍ فريدة، تمنح الرجاء والكرامة للمحرومين والمُهمّشين، ثورة حبٍّ وثورة حنان. من مغارة الميلاد، يبعث يسوع برسالةٍ يدعونا فيها لِعيْشِ المشاركة مع “الآخِرين”، كمسارٍ نحو عالمٍ أكثر إنسانيّةٍ وأخوّة، حيث لا إقصاء ولا تهميش لأيٍّ كان”.
في قلب المغارة هناك مريم ويوسف وهما حارسا هذه الحياة. أمٌّ وأبٌ منغمسان في سرِّ الولادة، شاهدان للطاعة لخطّةِ الله الغامضة. وتنبض المغارة يوم عيد الميلاد بالذات لأنّه يُضاف إليها تمثالُ الطفل يسوع. يُظهرُ اللهُ نفسه طفلاً لكي نتمكّن كلّنا من ضمّه بين ذراعينا.
“إنّ ولادة الطفل تثير الدهشة والفرح في آن، لأنّها تقدّم لنا سرَّ الحياة العظيم. ينيرُ المولودُ الجديد أعيُنَ الزوجَيْن الشابَّيْن وهما يحدّقان به، لذا يُمكننا أن نفهمَ مشاعرَ مريم ويوسف اللذَيْن، حين رأيا الطفل يسوع، أدركا مدى حضور الله في حياتهما”.
إنّ مغارة الميلاد هي أيضًا دعوةٌ لنصبحَ بدورنا تلاميذًا وشهودًا. وهذا هو معنى وجود الحكماء الثلاثة الذين يصلون إلى المغارة يوم عيد الغطاس. إنّهم يُذكّروننا بمسؤوليّة كلّ مسيحيٍّ بأن يكون مبشِّرًا.
“يعلّمنا المجوس أنّه إن انطلقنا، وحتّى من مكانٍ بعيدٍ جدًّا، نستطيع الوصول إلى المسيح”. إنّهم رجالٌ أغنياء، ولكنّهم متعطّشون إلى اللامتناهي، ينطلقون في رحلةٍ طويلةٍ وخطيرةٍ حتّى يصلوا إلى بيت لحم.
“إنّهم لا يسمحون لفقر البيئة بأن تَصدُمَهم” ، لكنّهم يركعون أمام الطفل الذي يرون فيه وجه الله الذي “يقود مجرى التاريخ فينزل المتكبّرين ويرفع المتواضعين”.
من خلال هذه الرسالة البايويّة، يدعونا قداسة البابا فرنسيس إلى إقامة مغارة الميلاد في العائلات، وأيضًا في أماكن العمل والمدارس والمستشفيات والسجون والساحات.
«أتمنّى، يقول لنا، ألا تتوقّف ممارسة هذه العادة أبدًا. بل حيث أُهْمِلَت، أتمنّى أن نعاودَ اكتشافَها وإحياءَها”.
إنّ المغارة تظهر حنان الله، وجمالَ الحياة وسرَّها.
“إن عطيّة الحياة التي نقف في كلّ مرّةٍ أمام سرّ غموضها، ها هي اليوم تُبهرُنا بعد أكثر أمام المولود من مريم، هذا المولود الذي هو منبعُ كلِّ حياةٍ وسندُها. أعطانا الآب، في يسوع، أخًا يأتي إلينا ويبحث عنّا حين نكون مُشوَّشين وفاقدين وجهة مسارنا، إنّه الصديق الأمين والقريب منّا دائمًا؛ لقد أعطانا الله ابنَهُ ليغفرَ لنا ويُقيمَنا من الخطيئة “.
المدينة الجديدة
Spread the love