مسيحيّون متخلّفون
لا يصحُّ أن نحسبَ أنفسنا مسيحيّين إلّا عندما تنتصرُ حياة المسيح وقداسته فينا. جُلَّ ما نحن عليه هو أنّنا “مسيحيّون في طور النموّ”.
كيف نتخلّص من حياة التخلّف الروحيّ التي نتخبّط فيها؟ إنّ الوسائلَ لعديدة، لكنّها بحاجةٍ ماسّةٍ إلى مساهمتنا.
نحن نعيش نقصًا في التغذية، لا نشعر معه بِنَهشات الجوع، والقربان المقدّس حاضرٌ لِيُشبِعَ جوعَنا، فماذا ننتظر؟
نحن مُعرَّضونَ للآفاتِ ولجميع أنواع الأمراض الروحيّة، ولدينا سرُّ التوبة لِيَشْفِيَنا ويُعطيَنا قوّة، فماذا ننتظر لنَشفيَ أمراضَنا؟
نحن بلا سقف! وبوسعنا، إذا أعدنا للأسرة وحدتها، مع يسوع الحاضر بيننا، وتقاسُمِنا الخيرات الماديّة والروحيّة في ما بيننا، أن نعيشَ فورًا في بيت الآب الدافىء. فماذا ننتظر؟
إنّنا نمشي كالعميان، وفي متناول يَدِنا الإنجيل، فهو دستورٌ للحياة.
نشكو من أزمةٍ في الدعوات الكهنوتيّة، ونَسْتاءُ من تصرّفات بعض الكهنة، ولا يخطرُ على بالنا أنّ الكاهن، هو بصورةٍ عامّة، وليدُ الجماعة المسيحيّة.
إنّه لتخَلّفٌ واضحٌ أن نموتَ جالسين على تلّةٍ من الذهب، كما فعل الملك ميداس…
المشكلة أنّ تَخَلُّفَنا هذا يجعلنا غير فاعلين في العالم وغير فعّالين فيه، بخاصّةٍ في حلّ مشكلة تخلّفٍ من نوعٍ آخر، هو تخلّف العالم الثالث، لأنّ ذلك يقتضي محبّةً شاملة.
من الصعب أن نُسمّيَ تفّاحةً هذه الحبّة الصغيرة التي تظهر على شجرة التفّاح عندما تنتفخ الأكمام وتسقط الأزهار بتلاتِها. وإذا سُمِّيتْ هكذا، يجب أن يقالَ إنّها “غير ناضجة”.
وعندما تتّخذُ الثمارُ شكلها وهي لا تزال خضراء، فهي تنتظر نسغًا آخر، وتنتظر الشمسَ كي تنضجَ وتصيرَ قابلةً للقطاف ومصدرًا للغذاء.
كذلك، لا يكفي أن ننالَ سرّ العماد حتّى نعتبرَ أنفسنا مسيحيّين. فعلى المسيحيّ أن يسعى لأنْ “يكونَ كامِلاً كما أنّ الآبَ كامل”، حتّى يصيرَ ناضجًا ومفيدًا للإنسانيّة. لأنّه عندما يصيرُ كاملاً كما الآب فهو مسيحٌ آخر.
إنسانٌ ـ مسيحيٌّ ـ قدّيسٌ هي عند الله ألفاظٌ مُرادِفة.
لكنّ اللهَ لا يطلبُ منّا قداسة المعجزات والانخطاف والرُؤَى بل قداسة المحبّة الكاملة.
ومن علامات الأزمنة اليوم، أنّ وَعْيَ الجماعات يزدادُ ويكبرُ وأنّ الشعوبَ مُضطرّةٌ لبناء علاقاتٍ أخويّةٍ في ما بينها وللتحلّي بنظرةٍ عالميّةٍ شاملة. فالحاجةُ إلى عيش القداسة على صعيد الجموع والجماعات والشعوب أضحتْ إذًا حاجةً ماسّة.
كيارا لوبيك