دخلتُ دائرةً حكوميّةً لإجراء معاملةٍ رسميّة، وإذا بي أرى أعقاب السجاير وأكياس النايلون وبضعًا من الأوراق مرميّةً على الأرض ومبعثرةً في الأروقة و السلالم وفي كلّ مكان…
صدمني هذا المشهد المُخزي و قرّرتُ أن أقوم بشيءٍ ما حيال ما يحدث.
سألت عن مكتب المدير وتوجّهت إليه بعزمٍ وتصميم. كان باب مكتبه مشرّعًا، فدخلت وألقيت التحيّة عليه ومن دون مقدّمات بادرته قائلة: “تدهشني كلّ تلك الأوساخ على الأرض وفي كلّ مكان وتجعلني أتساءل عن سبب هذا الإهمال، فنحن لم نعتد قطّ على ذلك…”.
أجابني قائلاً: “إنّ الدولة هي السبب، فهي لم تعد تدفع الأجرة المتوجّبة عليها لشركة التنظيف…”، وأضاف: “أنظري بنفسك، مكتوبٌ في كلّ مكان “التدخين ممنوع”، ولكن لا أحد يلتزم بذلك بل الكلّ يدخّن، ومع الأسف، يرمي أعقاب السجائر عل الأرض …”.
أردفتُ حينها قائلةً له بكلّ احترامٍ و لطف: “ربّما يكفي كنسَ الأرضيّة كي يتحسَّن الوضع قليلاً؟
أنهيتُ المعاملة التي جئت بصددها وكنت أهِمّ بالخروج حين رأيتُ عددًا من الشباب حاملين المكانس ينظّفون المكان!
كان اقتراحي اقتراحًا بسيطًا، لم أقدّمهُ بهدف توجيه انتقادٍ ما، ولكن من أجل الخير العام. أنتج ذلك، وبسرعةٍ قياسيّة، عملاً جماعيًّا وتطوّعيًّا، تخطّى مداه تلك البقعة الضيّقة، لأنّه أحيا فيّ وبمن حولي الأمل والتفاؤل لمواجهة كلّ الأزمات التي يمرّ بها بلدُنا حاليًّا.
تيريز – لبنان