ما أحوجنا إليه
نعرف أنّ لكلّ أسقفٍ من أساقفة روما ورئيسٍ للكنيسة الكاثوليكيّة في العالم، طابعُهُ الخاصّ، أي لكلّ بابا من الباباوات نعمةٌ خاصّة، ومهمّةٌ يطلبها الله منه. لكن لا يمكن إلاّ أن نعترفَ و نقدّرَ ونفرحَ بما جمعه البابا ليون الرابع عشر، بتناغمٍ رائع ما بين ما ورثه من سلفه البابا فرنسيس والكاريزما الخاصّة به. شاهدنا ذلك منذ اللحظة الأولى التي أطلّ بها من على الشرفة أمام الجموع التي كانت بانتظاره في ساحة القدّيس بطرس، حيث بدأ كلمته بهذه العبارة: “أيّها الإخوة والأخوات الأعزّاء، السلامُ معكم جميعًا”. ثمّ أضاف: “هذا هو سلام المسيح القائم من الموت (…) أرغب بدوري أن تدخُلَ هذه التحيّة المفعمة بالسلام قلوبَكم وتبلُغَ بيوتكم وكلَّ إنسان، إلى جميع الشعوب، إلى كلّ أرجاء الأرض. إنّه سلامٌ من عند الله الذي يُحبّنا جميعًا بدون شروط. وكما قال البابا فرنسيس: “إنّ الله يُحبّنا جميعًا والشرّ لن ينتصر…”. إنّ العالم بحاجةٍ إلى نور المسيح، والبشريّة تحتاج إليه كجسرٍ يوصلُها إلى الله ومحبّتِه… لنساعد بعضنا البعض على بناء الجسور بالحوار، باللقاء، بالوحدة، فنكونَ شعبًا واحدًا يعيش في سلامٍ دائم. وأضاف: نريد أن نكون كنيسةً سينودسيّة، كنيسةً تسير معًا، تبحث دائمًا عن السلام والمحبّة. لنطلب نعمة السلام، تلك النعمة الخاصّة من مريم أمِّنا”.
لم يفوِّت قداستُه مناسبةً إلاّ وتكلّم وصلّى من أجل السلام. على سبيل المثال ما قاله في الثامن من حزيران/ يونيو: “بشفاعة مريم العذراء نطلب بتضرُّعٍ من الروح القدس عطيّةَ السلام، أوّلاً في القلوب، وحده القلب المسالم يمكنه أن ينشرَ السلام في العائلة، وفي المجتمع وفي العلاقات الدوليّة”.
لاقت كلمات البابا هذه أصداءً إيجابيّة، مليئةً بالرجاء والفرح وإرادة التعاون والإلتزام. إخترنا لكم ما قالته مارغريت كرّام، رئيسة الفوكولاري، بضعةَ دقائق بعد أوّل خطاب لقداسته: “واضحٌ أنّ خطاب البابا يدور حول السلام. لذلك نريد أن نؤكّدَ له صلواتنا و قربنا و التزامنا بعَيْشِ”سلامٍ غيرِ مسلّحٍ، سلامٍ ينزعُ السلاح”! وأن نكون بُناة جسورٍ وحوار، بُناة السلام و العدالة. نريد أيضًا عَيْشَ كنيسةٍ سينودسيّة، فنسيرَ معًا. نريد قبل كلّ شيءٍ أن نكون ن قريبين من أولئك الذين يتألّمون، وأولئك الأكثر هشاشة. نتعهّد بهذا الإلتزام الجديد لنؤكّدَ أنّنا جزءٌ من هذه الرسالة التي أوكلها قداستُه إلى مريم. نوكل إليها مع البابا ليون تلك الصرخة من أجل السلام ومن أجل العدالة لجميع الشعوب”.
واليوم، وقد اندلعت حربٌ جديدة، في شرقنا المتألّم، لا بدّ أن نعود لما قاله قداسة البابا ليون مؤخّرًا: “في لحظةٍ حسّاسةٍ كهذه أُوجّهُ نداءً قويًّا إلى المسؤوليّة والعقلانيّة. إنّ السعيَ لبناء عالمٍ أكثر أمانًا وخاليًا من التهديد النوويّ، يجب أن يتمّ من خلال اللقاء القائم على الإحترام، و الحوار الصادق، بهدف ترسيخ سلامٍ دائمٍ يقوم على العدالة والأخوّة والخير العام. يجب ألاّ يهدّد أحدٌ وجودَ الآخر أبدًا. ومن واجب جميع الدول دعم قضيّة السلام، عبر إطلاق مساراتِ مصالحة، والعمل على إيجاد حلولٍ تضمن الأمن والكرامة للجميع”.
لنساند بعضنا البعض حتّى لا نفقد السلام الداخليّ، ولنرفع الصلاة بقلبٍ واحٍد ونفسٍ واحدة، طالبين أن تتوقّف الهجمات بأسرع وقتٍ ممكن!
إعداد حياة فلاّح