سوف نتطرّقُ في هذا الجزء إلى ذكر المؤشّرات الدالّة على تلك الشخصيّة
أوّلاً: النظرة الواقعيّة للحياة
كثيرًا ما نلاحظ عند بعض الناس عدم قدرتهم على تقبّل الواقع، فتجدهم متشائمين، رافضين، تعساء، وهذا دليلٌ على مشكلة نفسيّة معيّنة، أو أنّهم غير متصالحين مع ذواتهم أو… في حين نجد أحيانًا أخرى أشخاصًا يُقبِلون على الحياة، بانفتاحٍ وعزم، بكلّ ما فيها من أفراح وأتراح. نراهم واقعيّين في تعامُلهم، متفائلين، سعداء، وهذا دليلٌ على تصالُحهم مع ذواتهم ومجتمعهم وعلاقاتهم.
ثانيًا: مستوى طموح الفرد
لكلّ فرد مطامحُه وآمالُه. بالنسبة إلى الشخص المُتصالح مع ذاته، تكون آمالُه متوافقةً مع إمكاناته، فيسعى إلى تحقيق مطامحه المشروعة بحسب قدراته، أمّا الشخص الذي يطمح إلى تحقيق آمالٍ بعيدةٍ تمامًا عن إمكاناته، فيلجأ إلى المنافسة في عمله وحتّى في أسرته أو إلى المقامرة بماله. وإذا لم يُحقّق ما يصبو إليه، نراه ينهار، أو يُعاني من عقدة عدائيّة الحياة له، وسوء الحظّ، فيَنقُم ويَحقُد، وكلُّ هذا يشير إلى عدم انسجامِهِ مع المجتمع المُنخرِط فيه.
ثالثًا: إشباع الحاجات النفسيّة
مَن أهمّ مُقوّمات تصالُح الشخص مع نفسه ومع الآخرين، هو إشباع حاجاته النفسيّة الضروريّة، كالإحساس بالأمن مثلاً أو الشعور بأنّه محبوب، وأنّه قادرٌ على الحُبّ بدوره…، فيشعر بالقدرة على الإنجاز وينجح في عمله وفي معظم المشاريع التي يلتزمُ بها. كما أنّ الإنسان بحاجةٍ أيضًا إلى التقدير والحريّة وإلى الإنتماء، وإذا ما أحسَّ الفرد بأنّ كلَّ هذه الحاجات مؤمنّة، تصالح مع ذاته ومحيطه…
رابعًا: الإتّزان الإنفعاليّ
من أهمّ السمات التي يتحلّى بها الشخص المُتّزن، هي قدرته على مواجهة الأمور بصبرٍ وطول أناة، فلا تستفزُّهُ الأحداث التافهة ولا تثيرُ غضبه، بل يحافظ على هدوئه ورزانته. يثق به الناس لأنّه عقلانيّ في مواجهة الأمور، يتحكّم في انفعالاته بخاصّةٍ الغضب والخوف والغيرة… لا يولدُ الشخص بهذه السمة لكنّها تُكتَسَب وتنمو معه، على قدر ما يتمرَّس عليها في ظلّ بيئةٍ أُسريّةٍ هادئة، يسودُها التعاطف والثقة بالنفس.
جوزيف يعقوب