لنُحيي الصلاة
“فإذا كنت تقرّب قربانك إلى المذبح وذكرت هناك أنّ لأخيك عليك شيئًا، فدع قربانك هناك عند المذبح، واذهب أوّلاً فصالح أخاك ثم عد فقرّب قربانك”.
هذه الكلمة وضّحت لنا ولمرّةٍ أخرى المكان والأهميّة التي يعطيها يسوع للمحبّة الأخويّة. إنّ يسوع بكلمته هذه، قال لنا بوضوحٍ بأنّه لا توجد مشاركةٌ مع الله، تعبُّدٌ حقيقيّ، صلاةٌ صادقة، دون المصالحة مع إخوتنا. وإنّي من أجل هذا الرجاء أوّدُ أن أحدّثكم الآن قليلاً عن الصلاة التي يتقبّلُها الله حتمًا لو كانت على هذه الأسُس.
أودّ أن أحدّثكم خاصّةً عن صلاة الطلب والمطالبة بالمساعدة وبالنعمة.
لقد فهمنا أنّ الدّين لا يقوم فقط على الدخول إلى الكنيسة لنطلُب، إنّما على محبّة الله والعطاء، وذلك لأنّنا تعمّقنا في إيماننا وأصبحنا في الواقع مُتديّنين. ثم إنّ حياتنا الخاصّة تُعلِّمنا تحقيق جميع المبادئ التي تقدّمُها لنا روحانيّتنا الإنجيليّة، لنعمل ما هو علينا أن نعمله. وهذا تفكيرٌ جيّدٌ جدًّا. ولكن توجد فكرةٌ أخرى: محبّة الله موضوعٌ واسعٌ وهو يدعو إلى اتّباع جميع الوصايا. إنّ وصيّة الطلب يُردِّدُها يسوع بشدّة: “أطلبوا تجدوا، إقرعوا يفتح لكم”.
ماذا علينا أن نفعل إذًا؟ أن نطلب أكثر وأحسن، لأنّ هذا ما يريده. هكذا نظهر له محبّتنا.
ولكن، يمكننا أن نتساءل: “كيف حدث، أنّني وبالرغم من كلّ النعم الإلهيّة التي حصلتُ عليها، بالمقارنة مع أشخاصٍ كثيرين غيري، مع دفعاتٍ إلى الأمام من قبل الإخوة، مع وعودٍ والتزاماتٍ قمتُ بها، أرى نفسي بطيئًا وقليل الكرم في المحبّة، في عيش الفضائل، وحتّى في التغلّب على التجارب؟ أليس هناك عدم توازنٍ بين الذي أحصلُ عليه والذي أودُّ صنعه، وما أحقِّقهُ فعلاً؟
على هذا السؤال الممكن، يعطينا يسوع أفضل جواب: “مِن دوني لا تستطيعون عمل شيء”. وهذا يعني أيضًا، أنّه وبالرغم من الجهود كلّها، والتأمّلات الجميلة والتشجيعات والقرارات، لا نقوم بخطواتٍ كبيرةٍ إلى الأمام، وهذا لأنّنا لا نصلّي بما فيه الكفاية، لأنّنا لا نطلب المساعدة المرجوّة.
إنْ توصّل القدّيسون إلى القول بأن ّمن يصلّي يخلص، ومن لا يصلّي يهلك، فمن الطبيعيّ أنّ مَن يصلّي يتقدّم روحيًّا، ومن لا يصلّي يرجع إلى الوراء أو على الأكثر يبقى مكانه.
يمكننا أن نتحسّن في اتّجاهين: أوّلاً ألاّ نكثر الصلوات، إنّما أن ندرك معناها. فلنُفكِّر قليلاً وسنرى كم من النعم نطلب في صلوات الصباح، والمساء، وخلال القدّاس، وفي صلاة الشكر بعد القدّاس، في تلاوة المسبحة، وخلال التأمّل.
ثانيًا: أن نصلّي ونطلب مدركين أنّنا لا نستطيع عَمَلَ شيءٍ من تلقاء ذاتنا، إذًا لِنقُمْ بذلك بتواضعٍ واقتناعٍ بأنّنا نستطيع كلَّ شيءٍ بمساعدة الله وبثقتنا به وبصلاتنا المثابرة، فنطلب بإلحاحٍ مُحِبٍّ كما يريد يسوع.
أذكر دائمًا ما أوصتنا به والدةُ إحدى الفوكولارينه الأوائل قبل أن تموت: “صلوا خلال حياتكم ففي نهاية المطاف لا تعود هناك الإمكانيّة لفِعلِ ذلك”.
لنُحيي الصلاة، صلاة الطلب، من كلّ قلبنا ومن أجل محبّة الله.
كيارا لوبيك