من واجبنا كلبنانيّين بشكلٍ عامّ، وكمؤمنين بشكلٍ خاصّ أن نعملَ من أجل مستقبلٍ بيئيّ مستدامٍ خالٍ من التلوّث، وذلك من منطلق أن معتقداتنا الإيمانيّة تحثّنا على ذلك. فما علينا أن نفعل لجَعْلِ مستقبلنا أفضل؟
إنّ الكنيسةُ الكاثوليكية، منذ سنواتٍ خلت وإلى يومنا هذا، تركّز في تعاليمها على مسألة البيئة. وهي أعطت تفسيرًا جديدًا لما ورد في سفر التكوين “تسلّطوا”، وركّزت على أهميّة ما تبقّى أي، “إِنِّي قَدْ أَعْطَيْتُكُمْ كُلَّ بَقْلٍ يُبْزِرُ بِزْرًا عَلَى وَجْهِ كُلِّ الأَرْضِ، وَكُلَّ شَجَرٍ فِيهِ ثَمَرُ شَجَرٍ يُبْزِرُ بِزْرًا لَكُمْ يَكُونُ طَعَامًا(…)”، وهذا قائمٌ ليس على التفسير الحرفيّ بل على المعنى المقصود. فاللهُ طلب من البشر أن يكونوا رعاةً يرعون الأرض ويهتمّون بها ويحافظون عليها. معنى هذا القول إنّ على إنسان اليوم أن يفكّر بأولاد المستقبل وبـ”الأرض” التي يُحبّ أن يورثَها لهم من بعده، فهل نريد أن نورثَ الأجيال التي سَتلي أرضًا قاحلةً غير قابلةٍ للإنتاج، وملوّثةً وغير قابلةٍ للعيش؟ فالحبّ ليس فقط أن نعبّرَ للشخص الآخر عن المشاعر التي نكنّها له، بل أيضًا أن نفكّر فيه عاملين وجاهدين في توفير السعادة له. لذا علينا أن ننتقل من عبارة Ego، أي أن يكون الأنا ركيزة حياتنا، وهذا يعني أن تكون أنانيّتنا هي المسيطرة والمتسلّطة على كلّ الحيوانات والنباتات، إلى عبارة Eco التي تعني أنْ على الإنسان أن يكونَ راعيًا وحافظًا للمخلوقات.
وفي نفس السياق تقول كيارا لوبيك مؤسّسة الفوكولاري: “كلّ شيءٍ على الأرض في علاقة حبٍّ مع كلّ شيء”. يجعلني هذا القول أفكّر بالمياه التي تسقي النبات محبّةً به، أو الشمس التي تبعث بدفء أشعّتها محبّةً بسكّان الأرض… وتعطينا الكنيسة مَثلَ القدّيس فرنسيس الأسّيزي كمِثالٍ حيٍّ عن علاقته مع الطبيعة الأمّ وذلك من خلال صلاته التي كان يتلوها كلّ يوم: “كن مُسَبّحًا يا ألله”. فبحسب فرنسيس الأسّيزي إن اللهَ يكون مُسبَّحًا ومُمَجّدًا من خلال كلّ مخلوقاته.
فلنتواضَعْ ونكتسبْ العلم من الطبيعة!
بيتر سلمون