من المؤكّد، أنّ اللهَ يريدُ أن يصلَ كلُّ إنسانٍ إلى معرفة الحقّ، أيْ معرفته هو، إنّه الحقّ. يقول الكتاب المقدّس إنّ اللهَ “يجدُ بَهْجَتَهُ في رفْقَتِنا”. فهو لا يرغب سوى أن يملكَ في وسطنا، ويكشفَ لنا حُبَّهُ ويعملَ العجائب، هلّا فسحنا له المجال؟
لقد خلقنا اللهُ أحرارًا وهو يحترمُ حرّيَّتنا. كثيرًا ما نفتقِدُ لنورٍ فينا وفي ما بيننا لأنّنا لسنا مُنْفَتحين على النور، ولا نطلبُ منه أن يكشفَ لنا ذاته. ولو كان المؤمنون أكثر شفافيّةً وأكثر انسجامًا مع إيمانهم في حياتهم اليوميّة، لساعَدَ ذلك غير المؤمنين في بحثهم عن الله. لهذا السبب سَيَسْألُ المؤمنون عن وزناتٍ أُعْطِيَتْ لهم لِيَسْتَثمِروها لِخَيْرِ الآخرين.
صحيحٌ أيضًا، أنّ كثيرين يبحثون عن الله بصدقٍ ويريدون معرفته لِيُحِبّوه، لكنّهم لا يجدونه طوال حياتهم على هذه الأرض. لماذا؟ لا نعرف، فهناك مِثْلُ وشاحٍ من الغموض حول علاقة كلّ إنسانٍ مع الحياة، مع ذاته، ومع الله… ولكن، عندما سنصلُ إلى السماء لن نُسْألَ إنْ كنّا قد آمنّا بل، إنْ كُنّا قد أَحْبَبْنا. يقول يسوع في الإنجيل إنّ كثيرين سيتكلّمون في الساحات وربّما يعملون المعجزات باسْمِه، لكنّه لن يعترفَ بهم لأنّهم لم يعيشوا بحسب تعاليمه. بينما سيقولُ لآخرين من الذين يُدْعَوْنَ غير مؤمنين: “تعالوا يا مباركي أبي، لأنّي كنت جائعًا فأطعمتموني…” سيُفاجَؤون عندما يكتشفون أنّهم أحبّوه في الوقت الذي لم يكونوا يعرفونه، وذلك لأنّهم تبعوا ما أَمْلاهُ عليهم ضميرهم. قد أتحلّى بإيمانٍ قادرٍ على نقل الجبال، ولكنْ، إنْ لم يكنْ لديّ المحبّة ـ كما يقول القدّيس بولس ـ فلن يَنْفَعَني هذا بشيء.
لذلك ما هو مُهمٌّ وحاسِمٌ في حياتنا القصيرة هو كم أَحْبَبْنا والخير الذي صَنَعْناه.
إنّي مقتنعٌ أنّ كثيرين من غير المؤمنين، ذوي النيّة الصالحة سَيَسْبِقون إلى ملكوت السماوات كثيرًا من المؤمنين “الفاترين” الذين لم يَسْتَثْمِروا هبة الإيمان العظيمة التي أُعْطِيَتْ لهم.
ميشال فانْ دِيلِينْ