لك كلّ حياتي

تعمّقتُ السنة الماضية بحقيقة يسوع المصلوب والمتروك وحيدًا على الصليب. وسألته: “يا ربّ كيف سينطبقُ ذلك على حياتي؟” وكان الجواب سريعًا.
مع بداية الصوم، وبعد أن شعرتُ بألمٍ كبيرٍ في معدتي، أجريتُ بعض الفحوصات. شدّد الأطبّاء على أثرها على واجب دخولي المستشفى بشكلٍ سريعٍ وطارىء. وأظهرَتْ الفحوصات أنّه لديّ مشكلة بأنزيمات الكبد وسرطان على باب البنكرياس، ممّا يتطلّب منّي الخضوع لعمليّة سريعة. وبالفعل دخلتُ المستشفى وبدأت مغامرةُ الوحدة والعناية والصلوات المرفوعة من الجميع.
في حينه، كنت أعيشُ وكأنّ هناك غشاوةً على عينيّ. لم أدرك جيّدًا ما يحصل معي… الكلّ يدرك خطورة الوضع إلاّ أنا. كنت بحالة شكرٍ للربّ على محبّة الناس التي غمرتني.
إنّه زمنُ الصوم، وكلّ أسبوعٍ من زمن الصوم له دلالةٌ خاصّة… مع المرأة النازفة… مع الإبن الشاطر… مع الأعمى والأبرص… وكنت أشعر مع هذه الأناجيل بنعمةٍ خاصّةٍ تسندُ الألم الذي أعيشه في المستشفى وأقول ليسوع لتكن مشيئتك. ولكنّ النعمة الكبرى كانت الإفخارستيّا. معها كنت أقدّمُ كلَّ آلامي للمتألّمين قربي في المستشفى بخاصّةٍ من يتألّم أكثر منّي.
بعد فترة قصدتُ الطبيب لفكِّ قُطَبِ العمليّة، فأخبرني حقيقة مرضي، وبنعمةٍ كبيرةٍ جدًّا وسلامٍ كبيرٍ قلت: “يا ربّ أنت خيري الوحيد، ومعك سوف أنتصر”. وهكذا لتَتْميمِ مشيئته تابعتُ العلاج.
بدأتُ العلاجَ الكيميائيّ. عرفتُ الكلفة العالية لهذا العلاج، وأنا لا أملك سوى جزءٍ بسيطٍ منها. ولكن، بفضل المحبّة والوحدة التي غمرني بها كلّ من حولي تأمّن المبلغ الناقص. وكنت أتناول القربان قبل العلاج وأقول ليسوع. ” أنت في المرتبة الأولى، أنت البداية”.
كلّ يوم، كلّ لحظة، مع كلّ رفعة كأس في القدّاس أقول: “يا ربّ، أنت قادرٌ أن تحوّلَ الخبز لقربان وقادرٌ أن تحوّلَ وجعي إلى نِعَم”.
وقبل أن تنتهي السنة، إنتقل أبي إلى أحضان الآب السماويّ وكانت مرحلةُ ألمٍ من نوعٍ آخر، ودائمًا بالتسليم لمشيئة الله، أصبح لدينا ملاكٌ (أبي) يصلّي لنا من السماء.
واليوم، مرّت سنة على معرفتي بمرضي، سنةٌ من الألم والعلاج والمتابعة الصحّيّة، من الإهتمام بأبي المريض ومغادرته إلى السماء، سنةٌ لم يتركني فيها يسوع ولا لحظة، رافقني بكلّ دقيقةٍ بمشيئته ومحبّته وبخاصّةٍ برحمته.
وبتسليمي الكلّيّ لإرادته، أنا اليوم أفضل. والطبيبة مطمئنّة جدًّا لحالتي وتقول لي: “أنت حالةٌ خاصّةٌ من الفرح والسلام، لكنّها لا تعرف أنّ سرَّ قوّتي هو محبّتي ليسوع المصلوب والوحيد.
بكلّ ثقةٍ أكملُ وأقولُ له شكرًا… شكرًا على كلّ شيء، لأنّي واحدةٌ من بنات كيارا لوبيك (مؤسّسة حركة الفكولاري). لأنّي آمنت ب “الله محبّة” الذي علّمني كيف أقف وأتغلّب على وجعي وألمي وكيف أردّد مع يسوع: “يا ربّ بين يديك…”.
خلال هذه الفترة، شعرتُ حقًا أنّني مغمورةٌ من الجميع، من عائلتي الصغيرة وعائلتي الكبيرة، معهم لا زلتُ أردّد وأقول ال ” نعم، نعم” لكلّ ما تُعطيني إيّاه، “نعم” ثابتةٌ ودائمة.
أستودعُكَ أوقاتي، لحظاتي وكلّ حياتي، لأنّك أنت كلّ حياتي.

ماغي مهاوج

Spread the love