تخبرنا فيفيان وتقول: “لدينا إبن وإبنة في أوائل العشرينات من عمرهما. إنّ العلاقة مع إبننا تجعلنا نعيش تصادمًا جبّارًا في كلّ مرّة، فكلامه دائمًا جارح، وهو متذمّرٌ بصورةٍ متواصلة. مواظبٌ في دروسه يأخذها على محمل الجدّ، ولكن حسب رأيه كلّ الأنشطة التي تشارك بها أخته تافهةٌ وغيرُ مُجدية. لا يرغب في الذهاب للكنيسة وهذا طبعًا مؤلمٌ بالنسبة لنا، كما إنّ الأوضاع في أغلب الأحيان متأزّمةٌ بينه وبين والده كما مع أخته أيضًا. وهذا ما يشغل بالي كتيرًا… أفكّر بطريقةٍ تساعدنا لحلّ هذه الخلافات، فنحن نشارك مع مجموعة الفوكولاري في اللقاءات ونودّ أن نحمل روح الوحدة والمحبّة إلى قلب عائلتنا”.
ويكمل وسام ويقول: “بالنسبة لي كأب، أرغب بأن يطيعَ إبني أوامري من دون أيّ نقاش، وليس لديّ أيُّ استعدادٍ للإستماع إليه. وفي آخر شجارٍ حصل بيننا، رمى في وجهي بضعَ كلماتٍ صدمتني كثيرًا إذ قال: أنت حتّى لا تتلفّظ بكلمة ‘لو سمحت’، ولا تحاول حتّى أن تضيفَ كلمة ‘من فضلك’، فسكتّ ولم أستطع التفوّه بحرفٍ واحد. حدث بعد ذلك شجارٌ بينه وبين أخته، وكنت خارج المنزل، لكنّ زوجتي أعلمتني بذلك. فأرسلتُ له برسالةٍ بدأتُها بهذه الكلمات: “من فضلكَ صالح أختك، فهي حبيبتك، وأنت حنونٌ عليها”، وما كان إلاّ أن أجابني بالموافقة. في العادة يقول نعم ولا يُنفّذ ما أطلبه منه، ولكنّه فاجأني وتصالح فعلاً معها، وصارت العلاقة بينهما مختلفةً تمامًا.
فهمتُ أنّني صلبٌ فى آرائي وكذلك هو ابني. وكلّ ما كنّا نفعله هو أن نكسر ونهدم بعضنا البعض دون الوصول إلى أيّة نتيجة. وجدتُ الحلّ الذي يجعلنا نصل إلى نقطة التلاقي وهو الحوار! رحنا نتحدّث سويًّا، ففهمتُ طريقة تفكيره، وهو بدوره فهم ما أفكّر به، حتّى إنّنا استطعنا الوصول إلى حلٍّ يَجمعُنا ويُرضي كِلَيْنا. نعم، أن نفسحَ المجال للآخر ونعرفَ كيف نصغي بعمقٍ لنستقبلَهُ بتمايزه فينا، هذا هو الحلّ، وهذا الحلّ سهلٌ لأنّنا بمجرّد قيامنا بهذه الخطوة نلتقي.
لقد قمنا أنا وزوجتي بمراجعة أنفسنا وتصرّفاتنا مع إبننا، وبفحص ضميرٍ جعلنا نتساءل إن كنّا قد قمنا يأيّ تقصيرٍ تجاهه؟ وهل كان قد طلب منّا شيئًا ولم نقدّمه له؟ أسئلةٌ كثيرةٌ لم نجد لها إجابات. ولكن ما نعرفه هو أنّه اليوم وبعد أن كان يقضي طول النهار خارج المنزل، ها هو اليوم يسأل عنّا وإن كنّا نحتاج لشيءٍ ما، صار يبحث عنّا… وهذا التغيير الجذريّ حدث لمجرّد إقامة حوارٍ حقيقيٍّ معه، حوار كان هو بحاجةٍ إليه، حوار قرّب المسافة بيننا وبينه. نحن اليوم نحاول أن نقضيَ أوقاتًا مع وَلدَيْنا، نسمعهما، نحدّثهما، ونتكلّم معهما كأهلٍ بأيّ موضوعٍ يرغبانه، وبأيّة مشكلةٍ أو سوء تفاهمٍ يمكن أن يحدث بيننا. طبعًا نفشل أوقاتٍ عدّة، ولكنّنا لا نستسلم لأنّ الحبّ دائمًا أقوى.
فيفيان و وسام – مصر