هي مناسبةٌ فريدةٌ كي نُخبرَ عن يسوع، وهي فرصةٌ بامتياز حتّى نُقدّمَ له هذه الهديّة، أي وحدة المؤمنين بالروح الذين يريدون أن يكونوا صدًى لحُبّه اللاّمتناهي، يُسبّحونه ويُمجّدونه ويُعلنونَ حُبَّه للملء. عام ٢٠۳۳ يأتي بعد مرور ألفَيْ سنة على قيامة يسوع. ستُقامُ بالطبع الإحتفالات في جميع بلدان العالم ويشارك بها المسيحيّون من كلّ الطوائف. من هنا انطلقَ أوليفيه فلوري، مدير “شباب له رسالة” في سويسرا، بعد أن حصل على نعمةٍ خاصّةٍ من خلال الرؤيا الغير عاديّة التي كَشفَتْ له إمكانيّةَ إحياءِ ذكرى هائلة، بحشودٍ مجتمعةٍ في كلّ أمّةٍ من العالم، ضمن احتفالٍ ضخمٍ يجمعُ أشخاصًا من كلّ فئات المجتمع ومن كلّ الأعمار، يتكلّمون كلّ اللغات ويمثّلون كلّ الشعوب، يحتفلون حيث هم في ساحات المدن، أو المدارج أو الكنائس أو الساحات العامّة أو المنازل… يقول فلوري “تخيّلوا صباحَ عيد الفصح مع آلافٍ من التجمُّعات وملايين الناس يُسبّحون ويُرنّمون للآب الذي أرسل ابنَهُ الوحيد، يسوع المسيح، فضحّى بنفسه على الأرض بهدف إنقاذ البشريّة. هل يُمكنكم تصوُّرَ ذلك؟ ستتوالى الإحتفالات حسب مناطق التوقيت ابتداءً من فجر أحد فصح ٢٠۳۳، أي ١٧ أبريل من هذه السنة المميّزة، وستكون مساهمةً بين الكنائس المجتمعة حول هدفٍ واحدٍ، وذلك على المستوى المحلّيّ والإقليميّ والوطنيّ والعالميّ”.
وكان أوليفيه وهو قسٌّ في الكنيسة المُصلِحة قد زار أكثر من ٥٢ دولة، من بينهم، الفاتيكان، الولايات المتّحدة ونيوزلندا وكينيا والمملكة المتّحدة وهولندا وأستراليا ولبنان والهند… قبل وصوله إلى مصر برفقة صديقه القسّ مارتن هوجير من الكنيسة الإنجيليّة (عضوٌ هو الآخر في جمعيّة “إحتفاليّة يسوع ٢٠۳۳”).
قال البابا فرنسيس، أسقف روما بعد لقائه بفلوري: “إنّه مشروعٌ رائع، مشروعٌ ضخم، فالشكرُ لِمَن يعملُ على إنجازه. ستتحقّقُ الوحدة حين نسيرُ معًا”.
“أمّا البطريرك المسكونيّ ورأس الكنيسة الأورثوذكسيّة بالقسطنطينيّة برثلماوس الأوّل فقال: “القيامة أساسُ الإيمان، وبدونها رسالتُنا عقيمة. نحتفل بعيد الفصح بحَميّةٍ وحماس، لأنّه أهمُّ عيدٍ في الكنيسة الأورثوذكسيّة. ففرحُ القيامة يجيشُ في جوارحنا، ونهلّلُ له مع الخليقة بأسرها”.
وماذا عن اللقاءات في مصر؟
زار القِسّان رؤساء الكنائس في مصر، البابا تواضرس الثاني بابا الكنيسة القبطيّة الأورثوذكسيّة، ورئيس أساقفة الكنيسة الأنجليكانيّة في مصر منير حنّا، والقسّ أندريا زكي رئيس الطائفة الإنجيليّة وأسقف الجيزة الأنبا توماس عدلي الذي مثّل بطريرك الكنيسة القبطيّة الكاثوليكيّة ابراهيم زكي، والمتروبوليت نيقوديموس أسقف ممفيس عن الروم الارثوذكس بمصر. وذلك إلى جانب العديد من مسؤلب الرهبانيّات والحركات الكنسيّة الكاثوليكيّة. قدَّم فلوري وهوجير هذه الرؤيا لتحضير يوبيل ال٢٠۳۳ معًا، بمناسبة مرور الألفَيْ عام على قيامة يسوع المسيح، وقد رافقهُما وفدٌ من جماعة الفوكولاري التي تسعى لعَيْش الوحدة والأخوّة الشاملة.
وكان مؤثّرًا ما قاله البابا تواضرس بعد إصغائه للوفد الزائر، في ٢٥ مارس ٢٠١٩، في مقرّه البابويّ، وبعد أن بادره أوليفيه فلوري بهذا السؤال: “كيف يُمكنُ للكنائس أن تكونَ معًا في مثل هذه المناسبة لأنّ الألفَيْ سنة يُحتفلُ بها، ويُحتفلُ بها معًا؟”، إذ قال إنّ على مجلس الكنائس في مصر التفكير في هذا الشأن، وإنّه من الواجب وخصّيصًا لهذا الحدث، تأليف لجنةٍ تقومُ باقتراحاتٍ عمليّة. أمّا بما يخصّ التواريخ المختلفة لعيد الفصح ما بين الكنائس الأورثوذكسيّة وسواها من الكنائس، فقد كتب البابا تواضروس رسالةً للبابا فرنسنيس مقترحًا توحيد تاريخ العيد. ثمّ دعا البابا تواضروس الجميع للتفكير بكيفيّة عيش الفصح سويّةً خلال السنوات ٢٠٢٥ و ٢٠٢٨ و ٢٠۳١ حيث تواريخُ العيد مُشتركةٌ بين الجميع، وذلك قبل حلول سنة ٢٠۳۳. وجاء في حديثه أنّه على وحدة الكنائس أن تكونَ مُركَّزة على المسيح. ولكي يشرحَ للحاضرين الأمر دلّ على صليبه مع الفروع الأربعة. الفرع السفليّ، وهو الأطول، إذن الأهمّ، يُمثّل العلاقات. الفرع الثاني يُمثّلُ الدراسات، الثالث الحوار والرابع الصلاة. وأضاف: “فقط حين نُمسكُ بهذه الفروع الأربعة معًا نصلُ إلى قلب يسوع ونختبرُ وحدة جميع المسيحيّين. لقد أخطأنا حين بدأنا الحوار دون الدراسة ودون بناء العلاقات في المحبّة. علينا أن نبدأ ببناءِ العلاقات مع جميع الكنائس ومن دون استثناء”. منح البابا في ختام اللقاء لكلٍّ من الحاضرين أيقونةً قبطيّة للعائلة المقدّسة في مصر وطلب الصلاة من أجل مصر.
حقًّا “ما أجملَ أن يجتمعَ الأخوة معًا!”، وأختمُ بقولٍ تصوُّريّ لأوليفيه فدعونا نتصوّر ما يردّده:
“تصوّروا… فجرُ أحد القيامة عام ٢٠۳۳، عندما تنبعثُ أنوارُ يوم جديد!
تصوّروا… أكبر احتفالٍ يعرفه التاريخ! الإحتفال بالألفيّة الثانية لقيامة السيّد المسيح!
تصوّروا… جماعة المؤمنين في العالم تجتمع في كلّ أقطار الأرض!
تصوّروا… الكنيسة الجامعة تُعلنُ للعالم عن الحُبّ الحقيقيّ وعن الوحدة الصادقة!
تصوّروا… الإحتفال العظيم بالألفيّة الثانية لقيامة يسوع المسيح عام ٢٠۳۳!”
ريما السيقلي