في النور معًا

يقول مثلٌ إفريقيّ من بلاد غانا “إنّ المجتمعَ هو الذي يصنعُ الفرد”، فشخصيّة الإنسان وطبعه يتشكّلان ويتأثّران بالمجتمع الذي ينتمي إليه. وأرادت كيارا لوبيك مؤسِّسة “عمل مريم” دعوتَنا للعيش من أجل قداسةٍ جماعيّة، العيش في واقعٍ إجتماعيٍّ يبني كلَّ شخصٍ كما يبني الجماعة، وهذا بالطبع يتطلّب من كلّ فردٍ مراجعةً لحياته الخاصّة، كما يعني إختيارَ الله للمضيِّ قُدُما معًا. ولكن كيف السبيل لذلك ونحن نعرف هشاشةَ طبيعتِنا البشريّة؟ إنّ السرّ يكمنُ في البدء من جديد، كما لو كانت المرّة الأولى التي نحاول فيها وضعَ الله في المرتبة الأولى من حياتنا، والتمرّس على ذلك يومًا بعد يوم دون يأسٍ أو كَلل.
وما أجمل ما يقوله في ذلك البابا فرنسيس: “إنّ القداسة هي أن نحرُسَ الهبةَ التي أعطانا اللهُ إيّاها، وأن نحافظَ على المجّانيّة. لذلك فإنّ من يتلقّى في ذاته القداسة كنعمة، لا يمكنه ألاّ يُترجِمَها إلى أفعالٍ ملموسةٍ في الحياة اليوميّة. هذه العطيّة، هذه النعمة التي وهبني اللهُ إيّاها عليّ أن أترجمَها إلى أفعالٍ ملموسةٍ في الحياة اليوميّة، في اللقاء مع الآخرين. وهذه المحبّة، هذه الرحمة إزاءَ القريب تَعكُسُ محبّةَ الله، وتُنَقّي في الوقت ذاته قلوبَنا وتجعلُنا مستعدّين للمغفرة، فنكون يومًا بعد يوم بلا عيب، بلا عيب لا بمعنى إزالة بقعةٍ ما، بل بمعنى أن يكونَ اللهُ هو من يدخلُ فينا، وتدخلُ فينا مجّانيّة الله، فنحفظُها ونُعطيها للآخرين”.
أو ليس هذا ما يريده العالم؟ في عمق كلّ إنسانٍ، وإنْ في أوج ضياعه وكثرة التباساته، عطشٌ للجمال وجوعٌ لمعنى حقيقيٍّ للحياة، للسموِّ عن الدُنيَوِيّات، والعمل على بناء الإنسان. كم نحن متشابهون، لذا فلنُظهرْ مودّةً للجميع دون أحكامٍ مسبقة، ونَشهدْ للعلاقة البنّاءة في أعمالنا، فنفتحَ آفاقًا جديدةً وواسعةً لجميع من نلتقي بهم لنخُطَّ معًا دربًا في النور.

ريما السيقلي

Spread the love