فتحت نافذتي
منذ بضع سنوات، واجهتُ ولأوّل مرّةٍ صعوبةً كبيرةً جدًّا. كنت أشعر بالعزلة، ولم يكن يفهمُني أحد. كثيرًا ما عدتُ بذهني إلى اللحظات الجميلة من الوحدة الكاملة التي عشتها في السنوات الماضية مع العائلة ومَن حولي. لكأنّني جُرّدتُ من كلّ العزاء الموجود في حياتي. ولكن كإبنةٍ تعرفُ تمام المعرفة أنّها لا تستطيع الإعتماد إلّا على محبّة الآب السماويّ، حاولتُ أن أبقى معه هو، دون أن أقدّمَ له شيئًا سوى عَدَمي.
في ذلك الوقت، طُلبَ منّي إعداد ملفّ فيديو عن كارلو أكوتيس، وهو صبيٌّ إيطاليّ، كان يبلغ من العمر خمس عشرة سنة حينما بدأت عمليّةُ تطويبه. كنتُ قد سمعتُ عنه من قبل، ولكن لم أكن قد توقّفت عند قصّة حياته. بالبحث في الإنترنت عن الموادّ اللازمة، بدأت في التعرّف على الشخصيّة الرائعة لهذا “القدّيس وراء الباب المجاور”. كان لدى كارلو حبٌّ كبيرٌ للإفخارستيّا، وها أنا أردّد معه: “إذا وضعتَ نفسك تحت وهج الشمس ستحصل على الإسمرار، ولكن إن وضعنا أنفسنا أمام يسوع في الإفخارستيّا، فسوف نصبحُ قدّيسين”. لذلك أعدتُ اكتشافَ قيمة وجمال السجود أمام بيت القربان. في أحد الأيّام، أجرى كاهنٌ مقارنةً جميلةً عندما قال إنّه إذا فتحنا باب قلبنا أمام يسوع في الإفخارستيّا، فإنّنا نعيد إنتاج نفس التأثير الذي يترتّب عن فتح نافذتين واحدةً أمام الأخرى، نسمح لتيّارٍ من الهواء بأن يمرّ. وأوضح أنّ “تيّار الهواء هذا، هو الروح القدس، الذي يهبُّ علينا ونحن أمام بيت القربان”. راحت تدوّي بقوّةٍ في داخلي هذه الكلمات: “أنتَ وحدَكَ راعيّ، فلا شيء يُعْوِزُني”.
إكتشفت من جديدٍ وبوعيٍ جديد، أنّ إلهي هو “حقًّا خيري الوحيد”، وأنّ الأشياء الجميلة العديدة التي فعلتُها، أيضًا بدافع الحُبّ، كانت قد أخذت مكانه هو. فهمتُ كلمات كيارا لوبيك بطريقةٍ أصدق: إجعل من كلّ عقبةٍ منصّةَ انطلاق”. كم من الأحيان حاولت الخروج من الصعوبات ولكن دون أن أدركَ أنّ اللهَ هو الذي كان يختبئُ وراء تلك الصعوبات.
كان هذا هو حجر الزاوية بالنسبة لي لأنّه جعلني أدخل في علاقةٍ أكثر حميميّةٍ مع الله الذي أشعر به اليوم أقرب من قبل، وها إنّي أتمتّع بحرّيّةٍ جديدة، تسمحُ لي أن أرى بعيونٍ جديدةٍ أهميّةَ عيش المحبّة والوحدة. ثمرةٌ أخرى لهذه التجربة كانت ولادةُ محبّةٍ لكلّ من يمرُّ بقربي بزخمٍ جديد. ها إنّي أختبرُ فعلاً بأنّه يمكننا أن نعطيَ للآخرين، وبفرح، ما نملكه ونعرفه ونُحبّه حقًّا، تمامًا كما يشرح البابا فرنسيس بقوله: “إن الحياة الروحيّة تتغذّى في الصلاة وتتجلّى في الرسالة: الشهيق هو الصلاة، أمّا الزفير فهو رسالتنا في العالم”.
فيديرِكا – إيطاليا
Spread the love