فاجأ البابا فرنسيس في الرابع والعشرين من شهر نيسان الماضي، ثلاثة آلاف وخمس مئة شخصٍ كانوا يشاركون في ماريابولي روما. كلمة مارياولي تعني «مدينة مريم».
هي ماريابولي من نوعٍ جديدٍ وفريد، أُقيمَتْ هذه السنة في قلب العاصمة، بمبادرةٍ مشتركةٍ بين الفوكولاري وحركة «يوم الأرض» في إيطاليا. وصل قداسَتُهُ عند الساعة الخامسة من بعد الظهر وسط الدهشة والفرح العارم. بعد كلمات الترحيب من قِبَل المسؤولين في الفوكولاري وجمعيّة «يوم الأرض»، إستمع البابا إلى شهادات حياةٍ حول عيش الأخوّة والإلتزام، كالتضامن مع المحتاجين والأكثر فقرًا، والمساجين، واللاجئين، والإلتزام في إدخال الأمل والرجاء في حياة المدينة، والمسؤوليّة المشتركة تجاه كوكبنا، والحوار بين الأديان…
ثم توجّه البابا إلى جميع المشاركين، واضعًا أوراقه جانبًا متحدّثًا بلغة القلب، فقال: «أنتم تقومون بعملٍ جميلٍ للعبور من صحراء المدينة الخالية من الحياة، وصحراء القلوب، إلى غابةٍ تضمُّ البسمة والإلتزام». ثمّ دعا البابا إلى استقبال الحياة من أيِّ جهةٍ أتَتْ، تمامًا كما يلتقطُ حارسُ المرمى طابة كرة القدم من أيّة جهةٍ رُمِيَتْ إليه (…). وأضاف: «لا تخافوا من التصادُم! قد يشكّلُ خطرًا، لكنّه في الوقت عينه يحملُ فرصة. فالتقرُّبُ من الآخر، فيه مجازفةٌ بالنسبة إليّ وإلى الشخص الآخَر. ولكن لا تُحَيّدوا نَظَرَكم أبدًا، أبدًا، أبدًا عن الآخر، بل اقتربوا منه، وامْسُكوا بيده، إمسحوا الدموع (…). هكذا تجعلون الإبتسامة تُزهِرُ وسط الصحراء (…)، أنظروا إلى وجوه الناس في الطرقات: كلُّ واحدٍ منغلقٌ على نفسه، ما من ابتسامةٍ وما من تقاربٍ أو «صداقةٍ إجتماعيّة»، وحيث تموت «الصداقة الإجتماعيّة» يولَدُ الحقدُ وتولَدُ الحرب (…).
لقد أصبح المالُ إلهًا يفرضُ نفسه في عالم اليوم حيث يبدو أنّ من لا يملك مالاً لا يُمكِنُ أن يعيش… ولكن، تبقى كلمة «مجّانيّة» هي المفتاح من أجل عالمٍ أفضل. أنّ الإنجيلَ في المدينة هو فرحٌ وجمالٌ والتزامٌ لا يتهرّبُ من المخاطر بل يعرف أن يَنْتَهِزَ الفرصة التي تحملُها المخاطر، من دون خوف. ماذا علينا أن نفعل إذًا؟ علينا أن نَعِيَ أنّ لدينا جميعًا ما نطلبُ الغفرانَ من أجله (…)، علينا أن نعملَ معًا، أن نحترمَ بعضنا. إحترموا بعضَكم بعضًا! كي تحدُثَ معجزة الصحراء التي تتحوّل إلى غابةٍ خضراء! شكرًا لكلّ ما تفعلونه!».
وفي الختام دعا البابا الجميعَ إلى الصلاة، كلَّ واحدٍ في قلبه: «يا ربّ، نحن نعرف أنّنا أبناؤك، أنّنا كلُّنا إخوة. نعرفُ أنّ لكلّ واحدٍ مِنّا رسالة، وهي أن يعمل كي يصبحَ العالمُ أفضل، كي تخفَّ آلامُ الإخوة والأخوات، وكي نَحْمِيَ الأرض، ويجدَ الكثيرون عملاً ومعه يجدون الكرامة. نحن أولادُكَ، كلُّنا معًا، نطلبُ منك أن تبارِكَنا!».
خاطب حضور البابا وكلامه الروحَ والقلبَ والفكر. ذكَّرَ أنّ الإنجيلَ في المدينة هو فرحٌ وجمالٌ والتزامٌ لا يتهرّبُ من المخاطر بل يعرفُ انتهازَ الفرصة التي تحملها المخاطر دون خوف.
إعداد حياة فلاّح