زمنٌ ميلاديّ في كلّ زمن
جئتَ تدفىءُ صقعةَ قلوبنا، طفلاً لتُعلّمَنا أن نلبسَ براءة الأطفال…
جئتَ للأرض كي نعرفَ دربَ السماء، قدّوسًا فنعرفَ كيف نقدّسُ كلَّ ما يحيطُ بنا…
وببساطةِ الحُبّ تقودُنا وتعلنُ حُبّكَ لنا فتعلّمَنا أبجديّةَ المحبّة السماويّة حتّى نتشبّهَ كلَّ يومٍ أكثر بكَ!
وفي هذا الزمن المليء بالبركات الإلهيّة نأتي إليك، ماجوسَ الألفيّة الثانية، بآلام أوطاننا في شرقنا الأوسطيّ، ونودعُها أمام مهدك، وفي طيّات الورق المزخرف الذي غلّفنا به هدايانا، قصصٌ تحكي عن إيماننا وسط الشدائد… آه! ها هي مريم تفتحُ إحداها وتقصّ عليك فحواها:
“إسمي شذا، تركت بلدي سورية وها إنّي لاجئةٌ في هولندا، مع زوجي وطفليّ. إسْتُقْبِلنا في مخيّمٍ وكنّا العائلة المسيحيّة العربيّة الوحيدة هناك. من حولنا جميع الجنسيّات عربية وغير عربيّة… وصلنا مع بعض الثياب الصيفيّة، دون أيّ تحضيراتٍ لمواجهة الشتاء القارس والثلوج في هولندا. لكنْ كان هناك من يسألُ عنّا ويشاركُ معنا بما لديه… أرسلتهم أنتَ يا ربّ للقائِنا والسؤالِ عنّا، شكرًا يا ربّ لأنّ كلَّ غرضٍ، لعبةً كان أم ثوبًا، كان يحمل معه فرحًا عارمًا لي ولعائلتي… كلّ هذا إلى أن… فاضت الأغراضُ عندنا، فرُحْنا بدورنا ننظرُ حولنا، ونلاحظُ أنّ هذا الجار لا يملكُ ثيابًا شتويّة، وهؤلاء الجيران يحتاجون الملابسَ لأولادهم الصغار، نعطي ونعطي حتّى انتقلت العدوى إلى من كانوا لاجئين مثلَنا في المخيّم: أضحى الكلّ يفكّر بالكلّ، وسلسلةُ العطاء لم تعُد تتوقّف فجاءت كلمات إيماوس، رئيسة جماعة الفوكولاري تنير هذا الوقت المميّز، حين قالت بأنّنا ورودٌ وإن زُرعَت هذه الورود في صحراء، فلا بُدَّ أن تحوّلَ هذه الصحراء إلى حديقة. وكيف لا يزهّرُ كلُّ ما من حولنا بفضل محبّتنا لبعضنا البعض، نحن المتمايزين بجنسيّاتنا ودياناتنا، ولذا جئت أنت لتولَدَ وتسكنَ معنا… ميلادُكَ يضفي زينة الأفراح على حياتنا”.
إنتهت مريم من القراءة بصوتها العذب الدافىء، وجاء دورُ يوسف ليسحبَ ورقةً جديدة، ويقصَّ لك حكايةً جديدة، لكنّكَ غفوتَ هانئًا سعيدًا مطمئنًّا لأنّك كنتَ تعرف بأنّ معكَ وبكَ سوف ينتصر الخيرُ دائمًا في نفوس أبنائِكَ…
ريما السيقلي
Spread the love