رسالة موسيقيّة

في عالمٍ يعجّ بالضوضاء والاختلافات، تبرز “وان باند” كفرقةٍ موسيقيّة، تأسَّست على مبدأ الوحدة، والرسالة، والمحبّة. إنطلقت عام ٢٠٠٩ من قلب مجموعةٍ من الشباب، المؤمنين بأنّ الموسيقى قد تكون وسيلةً قويّةً لنقل كلمة الله. ومنذ ذلك الوقت، أصبحت “وان باند” أكثر من مجرّد فرقة؛ صارت عملاً روحيًّا يقدّم الترانيم، تُغذّيه الرغبة في التغيير الحقيقيّ، أي التغيير من الداخل.

في ليلةٍ مليئةٍ بالترانيم والرجاء، إلتقينا برامز يسّى، مؤسِّس فرقة “وان باند”، الذي حدَّثنا عن البدايات، والتحدّيات، والرؤية التي ما زالت تنمو، وكيف انطلقت الفرقة من فكرةٍ بسيطة، إلى مشروعٍٍٍ حامِلِ رسالة. يقول: “كنّا نشارك في كورال، لكنّ نشاطاته لم تكن كثيرة. فتساءلت: لماذا لا نكتب ونلحّن ونرنِّم معًا؟ ومن هنا بدأت الفكرة. هدفنا لم يكن الترنيم والتسبيح فقط، بل إيصال كلمة الله إلى الأماكن حيث لا تصل الكلمة بسهولة، في المناطق النائية والبعيدة. أردنا أن ننشر الكلمة للناس، ومن هنا وُلد اسم “وان باند” – “فرقةٌ واحدة” – التي تُجسّد الوحدة. وهذا الإسم يعكس رسالة الفرقة، كما هو شعارها، فنحن جسدٌ واحد، رغم اختلافاتنا”.

أمّا بالنسبة للعيد المشترَك للمسيحيّين هذه السنة، إذ تحتفل جميع الكنائس بعيد الفصح في توقيتٍ واحد فيقول: “إنّها لفرصةٌ رائعةُ أن نحتفلَ جميعُنا معًا. فالفرقة ومنذ البداية ضمّت أشخاصًا من طوائف عدّة، ولم نؤسِّسها لخدمة طائفةٍ معيّنة. أردنا أن نخدُمَ الجميع، ونقدّمَ ترانيمنا وعزفنا للكلّ”.
وبكلّ تواضعٍ وعذوبة يختم قائلاً: “منذ انطلاقنا ورغم التغييرات في الأعضاء، إلاّ أنّ الرسالة بقيت مستمرّة. وهذه بركةٌ من الله”.

ووسط أجواءٍ روحيّةٍ عامرةٍ بالتأمّل والموسيقى، كان لنا هذا اللقاء الخاصّ مع أندريه، عازف الغيتار في فرقة “وان باند”، الذي حدّثنا عن رحلته مع الفرقة، وعن رؤيته للموسيقى كرسالة، والشعور العميق الذي يرافقه في كلّ مرّةٍ يصعد فيها إلى المسرح!
يقول: “لقد بدأنا العزف معًا منذ سنوات، ولكن خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة بدأنا نحاول إيصال رسالتنا للناس. كانت الفكرة محصورةً داخلنا، وكأنّها في علبةٍ مغلقة، لكنّنا مؤخرًا نحاول إخراجها للنور. لدينا ترانيمُ جميلة، عددها قد يفوق العشرين ترنيمة، ونحن نرغب في أن يسمعها الناس، وأن يستمعوا إلى موسيقى مختلفة، بكلماتٍ تحمل بُعدًا مختلفًا. نحن لا نقدّم شيئًا تقليديًّا أو مكرَّرًا، بل نحاول الخروج عن النمطيّة، لنقدّم شيئًا حيويًّا يعبّر عن إيماننا بطريقةٍ معاصرة”.
وما يقوم به أندريه ترك أثرًا بالغًا في أعماقه، إذ يقول: “أشعر أنّ اللهَ منح كلَّ واحدٍ منّا موهبة، وهذه الموهبة لا ينبغي أن تُستخدَم لأغراضٍ شخصيّةٍ أو بدافع الأنانيّة، بل يجب أن تُسخَّر لشيءٍ نافعٍٍ وخَيِّر. من خلال الموسيقى، أستطيع أن أشارك الناس بالكلمة، بالروح، باللحن. إنّها وسيلةٌ قويّةٌ لإيصال رسالة محبّة الله إلى القلوب، وهذا لا يكبّرني فقط أمام الناس، بل يكبّرني أمام نفسي، في داخلي، وينمّيني روحيًّا. حتّى بين إخوتي في الفرقة، نحن لا نتحدّث كثيرًا عن هذه الأمور، ولكنّنا ننمو معًا خطوةً تلوَ الخطوة. هناك روحٌ واحدةٌ تجمعنا، وشَرِكَةٌ حقيقيّةٌ في كلّ ما نقوم به، فنكبر معًا في هذه المغامرة”.

من اللاّفت في “وان باند” هو أنّ أعضاءها هم كلّهم شباب. وإنّه لرائعٌ أن نرى شبابًا لديهم هذا الحماس، يتركون ضجيج العالم، ويركّزون على إيصال رسالة المحبّة، يضعون وقتهم وجهدهم وطاقتهم في خدمة الربّ والقريب، فترتفع نفوس من يستمع إليهم لتلامس جمال السماء.

“وان باند” لا تجمع فقط الموسيقيّين، بل تجمع القلوب التي اختارت أن تكون آلةً في يد الله، تنقل صوته، وتُشعل نوره في النفوس. هي حلمٌ بدأ في قلب شخصٍ واحد، ليصبح اليوم صوتًا يصل إلى قلوب الكثيرين.”وان باند” فرقةٌ لا تَعزف وحسب، بل هي قصّةُ إيمانٍ تُحكى وتُعاش.

ريما السيقلي

Spread the love