واقعُ إنسانيّة اليوم مطبوعٌ بثوابتَ حافلةٍ بالتناقضات؛ فيها العلم والجَهْل، الفقر والغنى، الخيرُ والشرّ، الحربُ والسلام، الأنانيّةُ والعطاء، كلُّ ما هو سلبيّ، وكلُّ ما هو إيجابيّ، فيها الأنا والـ نحن، إنسانُ الأمس وإنسانُ اليوم…
بين الثوابت والتناقضات، أردتُ أن أعبّرَ عن شكري وأقولَ لقادة العالم: أشكركم، ولكن لماذا؟
أشكُرُكم على كلّ ما فعلتموه من أجل تطوير التعليم والبحثِ العلميّ وتأسيسِ الوزارات، وتنظيمِ المؤتمرات، ونشرِ الكليّات والجامعات، وبناءِ المدارس والحضانات، وتطويرِ المناهج التعليميّة، واختراعِ أساليب التعليم الحديث، وإعادةِ اكتشاف العقول النيّرة والاستفادة منها لتطوير الحياة على الأرض.
ولكن، أتساءل لماذا نرى نسبةَ الأُميّة في تزايُد؟ ولماذا فُرَصُ التعليم مقتصرةٌ على كمٍّ من الناس دون سواهم؟ لماذا يُخيّمُ الجهلُ على عددٍ كبيرٍ من دول العالم؟ ولماذا يختلفُ مستوى التعليم باختلاف المناطق والقارّات وأبناء العائلات؟
أشكُرُكم على الجُهْدِ المبذولِ لتطوير قطاع الصحّة، واكتشاف العلاج المناسب للأمراض المُزْمِنَة، والعمل على اختراع أفضل الأجهزة والمعدّات الطبيّة والأساليب الجديدة للعلاج، وتسهيل حياة المرضى. لماذا كلّ هؤلاء المرضى في العالم؟ لماذا يموتُ الملايينُ من البشر كلَّ عامٍ لِقِلّةِ أو عَدَمِ توفُّر العلاج لهم؟ لماذا يدفعُ البشر ثمن العلاج على حساب حاجاتٍ أخرى أساسيّة؟ ولماذا لا يتساوى البشر بالخدمات العلاجيّة؟ ولماذا يَفْتَقِرُ الكثيرُ من دُوَلِ العالم إلى أبسط أنواع الخدمات الطبيّة والأجهزة والمعدّات، في حين تستطيعُ دُوَلٌ أخرى تقديم الفائض من حاجاتها؟
أشكرُكُم على عملِكُم الدؤوب في تطوير قطاع الزراعة، والزراعة العضويّة، واستغلال خيرات الأرض لتوفير أفضل أنــواع الغذاء للإنســان، والصناعــــات الصحيّة للأطعمة، ونشر الوعي الغذائيّ، وإنشاء منظّماتٍ عالميّةٍ تُعنى بالغذاء. ولكن لماذا يموت ملايين البشر كلَّ عامٍ جوعًا أو من سوء التغذية، في حين تَرْمي دُوَلٌ أخرى ما يسدُّ حاجة هؤلاء؟
لماذا تُبْلى دُوَلٌ بأسرها بالمجاعات، ويُوَزَّعُ الغذاء على الفقراء كحسنةٍ وليس كواجبٍ وحقّ؟ ولماذا يمتلكُ ۲۰% من سكّان الأرض على ۸۰% من خيرات الأرض؟
أشكُرُكم على البناء والعمار الجديد، على الجسور والأَنْفاق وناطحات السحاب والطُرُق السريعة، على الأبراج وبناء المُجَمّعات والبيوت المنتشرة في كلّ مكان، أشكركم على تجميل المدن وإضفاء الرونق على كُرَتِنا الأرضيّة. ولكن، لماذا لا زال ملايينُ البشر يقطنون في أماكِنَ مختلفةٍ بالعالم في بيوتٍ من الكرتون؟ لماذا تُبْنى البيوتُ الفخمةُ والكبيرةُ التي بها ملاعِبُ وبُرَكُ سباحة، بينما ينام بشرٌ في شوارع العواصم بالقرب من براميل القمامة حتّى يُؤمّنوا وَجْباتِ النهار؟
أشكركم على اختراع الكهرباء ونشرها في معظم شوارع الكرة الأرضيّة، على إنارة الطرق والقرى والمدن، على توليد الطاقة التي أَعْطَتْنا إمكانيّات التطوّر في أعمالنا ومشاريعنا ومصانعنا وتجارتنا.
لماذا يقطُنُ ملايينُ البشر على الأرض في الظلام لعدم تَوَفُّر الإنارة؟ لماذا تدفعُ دُوَلٌ كثيرةٌ بالعالم فاتورةَ إنارة الشارع ديونًا لا تُحْصى لِدُوَلٍ آخرى؟ لماذا تَنْحَصِرُ الطاقة، كما الطاقة المُتَجدّدة وبِوَفْرَةٍ في أَيْدي دُوَلٍ معدودة، في حين تتخبَّطُ دُوَلٌ أخرى من قلَّة موارد الطاقة؟
أشكُرُكم كلَّ الشكر على تطوير مصادر المياه وعلى تطوير خطوط الأنابيب لإيصال المياه الى بيوتِ معظمِ سكّان الأرض. ولكن، لماذا يموتُ ملايينُ البشر كلَّ عامٍ من تلوُّثِ المياه غير الصالحة للشرب؟ ولماذا يفقدُ الإنسانُ هِبَةَ المياه التي تُغطّي ثُلْثَيْ الكرة الأرضيّة، ولا نجدُ الحلَّ لتكونَ مُتَوَفّرَةً للجميع؟
أشكركم على عَمَلِكُم لتوحيد العالم من خلال الأمم المتّحدة، ولإدْراكِكُم بأنّ على العالم أن يتّحِدَ، وأنّ الإنسانيّةَ خُلِقَتْ لتكونَ عائلةً بشريّةً واحدة. ولكن، لماذا لم تستطيعوا مَنْعَ انتشار الأسلحة المُدَمّرة للأرض؟ لماذا سَمَحْتُم باستخدام القوّة لِنَزْعِ القوّة؟ لماذا أصبحتم الطَرَفَ الأضعف مع أنّه تمَّ اخْتِياركُم لتكونوا الطرف الأقوى؟
كم يبدو غريبًا دفاعُكُم عن أخطائكم بَدَلَ تَعْدادِ أعمالِكُم وإنجازاتِكُم؟ كُلُّكم تَسْعَون لتغيير العالم ولا أحد يفكّر بتغيير نفسه؟
هل تدركونَ بأنّ أحلامَ الذين ينامون على الريش ليست أجمل من أحلام الذين ينامون على الأرض؟ وهل تعلمونَ بأنّ قيمةَ الإنسان ليست بما وصل إليه بل بما يتوق لبلوغه؟
تذكّروا ما قاله جبران: «كيف تستطيعُ أن تغنّي إذا كان فَمُكَ مُمْتلِئًا طعامًا؟ وكيف ترفعُ يَدَكَ بالبركة إذا كانت ممتلئةً ذهبًا؟». وتذكّروا بأنْ تفعلوا للآخرين ما تُحبّون أن يفعله الآخرون لكم، ولا تفعلوا لهم ما لا تحبّون أن يفعلوه لكم!
العالمُ اليوم بحاجةٍ إلى أبطالٍ يعشقون الحياة ويرغبون في تنمية الموارد وصَقْلِ فِكْرِ الانسان وبناءِ البشر قبل الحجر، أبطالٍ يستطيعون رؤيةَ الحدث وما وراء الحَدَث.
العالمُ بحاجةٍ إلى بشرٍ يُقابلونَ الشرَّ بالخير، ويحوّلونَ الحربَ سِلْمًا، والتَرَحَ فرحًا، والإحباطَ أملاً، والظلامَ نورًا، والجهلَ عِلْمًا، والسلبيَّ إيجابًا. بذلك تغدو حياتُنا مغامرةً متجدّدَةً لا تنتهي، وسنحصُدُ ما زرعناه ونعيشُ ما أردنا تعليمَهُ للآخرين، ونزرعُ عند أولادِنا ما نحن نحلم به، وسيكونُ ماضينا حافزًا لنا حتّى نصنعَ مستقبلاً أفضل، فنستطيع أن نُرَدّد: كما في السماء كذلك على الأرض.
بين الثوابت والتناقضات، أردتُ أن أعبّرَ عن شكري وأقولَ لقادة العالم: أشكركم، ولكن لماذا؟
أشكُرُكم على كلّ ما فعلتموه من أجل تطوير التعليم والبحثِ العلميّ وتأسيسِ الوزارات، وتنظيمِ المؤتمرات، ونشرِ الكليّات والجامعات، وبناءِ المدارس والحضانات، وتطويرِ المناهج التعليميّة، واختراعِ أساليب التعليم الحديث، وإعادةِ اكتشاف العقول النيّرة والاستفادة منها لتطوير الحياة على الأرض.
ولكن، أتساءل لماذا نرى نسبةَ الأُميّة في تزايُد؟ ولماذا فُرَصُ التعليم مقتصرةٌ على كمٍّ من الناس دون سواهم؟ لماذا يُخيّمُ الجهلُ على عددٍ كبيرٍ من دول العالم؟ ولماذا يختلفُ مستوى التعليم باختلاف المناطق والقارّات وأبناء العائلات؟
أشكُرُكم على الجُهْدِ المبذولِ لتطوير قطاع الصحّة، واكتشاف العلاج المناسب للأمراض المُزْمِنَة، والعمل على اختراع أفضل الأجهزة والمعدّات الطبيّة والأساليب الجديدة للعلاج، وتسهيل حياة المرضى. لماذا كلّ هؤلاء المرضى في العالم؟ لماذا يموتُ الملايينُ من البشر كلَّ عامٍ لِقِلّةِ أو عَدَمِ توفُّر العلاج لهم؟ لماذا يدفعُ البشر ثمن العلاج على حساب حاجاتٍ أخرى أساسيّة؟ ولماذا لا يتساوى البشر بالخدمات العلاجيّة؟ ولماذا يَفْتَقِرُ الكثيرُ من دُوَلِ العالم إلى أبسط أنواع الخدمات الطبيّة والأجهزة والمعدّات، في حين تستطيعُ دُوَلٌ أخرى تقديم الفائض من حاجاتها؟
أشكرُكُم على عملِكُم الدؤوب في تطوير قطاع الزراعة، والزراعة العضويّة، واستغلال خيرات الأرض لتوفير أفضل أنــواع الغذاء للإنســان، والصناعــــات الصحيّة للأطعمة، ونشر الوعي الغذائيّ، وإنشاء منظّماتٍ عالميّةٍ تُعنى بالغذاء. ولكن لماذا يموت ملايين البشر كلَّ عامٍ جوعًا أو من سوء التغذية، في حين تَرْمي دُوَلٌ أخرى ما يسدُّ حاجة هؤلاء؟
لماذا تُبْلى دُوَلٌ بأسرها بالمجاعات، ويُوَزَّعُ الغذاء على الفقراء كحسنةٍ وليس كواجبٍ وحقّ؟ ولماذا يمتلكُ ۲۰% من سكّان الأرض على ۸۰% من خيرات الأرض؟
أشكُرُكم على البناء والعمار الجديد، على الجسور والأَنْفاق وناطحات السحاب والطُرُق السريعة، على الأبراج وبناء المُجَمّعات والبيوت المنتشرة في كلّ مكان، أشكركم على تجميل المدن وإضفاء الرونق على كُرَتِنا الأرضيّة. ولكن، لماذا لا زال ملايينُ البشر يقطنون في أماكِنَ مختلفةٍ بالعالم في بيوتٍ من الكرتون؟ لماذا تُبْنى البيوتُ الفخمةُ والكبيرةُ التي بها ملاعِبُ وبُرَكُ سباحة، بينما ينام بشرٌ في شوارع العواصم بالقرب من براميل القمامة حتّى يُؤمّنوا وَجْباتِ النهار؟
أشكركم على اختراع الكهرباء ونشرها في معظم شوارع الكرة الأرضيّة، على إنارة الطرق والقرى والمدن، على توليد الطاقة التي أَعْطَتْنا إمكانيّات التطوّر في أعمالنا ومشاريعنا ومصانعنا وتجارتنا.
لماذا يقطُنُ ملايينُ البشر على الأرض في الظلام لعدم تَوَفُّر الإنارة؟ لماذا تدفعُ دُوَلٌ كثيرةٌ بالعالم فاتورةَ إنارة الشارع ديونًا لا تُحْصى لِدُوَلٍ آخرى؟ لماذا تَنْحَصِرُ الطاقة، كما الطاقة المُتَجدّدة وبِوَفْرَةٍ في أَيْدي دُوَلٍ معدودة، في حين تتخبَّطُ دُوَلٌ أخرى من قلَّة موارد الطاقة؟
أشكُرُكم كلَّ الشكر على تطوير مصادر المياه وعلى تطوير خطوط الأنابيب لإيصال المياه الى بيوتِ معظمِ سكّان الأرض. ولكن، لماذا يموتُ ملايينُ البشر كلَّ عامٍ من تلوُّثِ المياه غير الصالحة للشرب؟ ولماذا يفقدُ الإنسانُ هِبَةَ المياه التي تُغطّي ثُلْثَيْ الكرة الأرضيّة، ولا نجدُ الحلَّ لتكونَ مُتَوَفّرَةً للجميع؟
أشكركم على عَمَلِكُم لتوحيد العالم من خلال الأمم المتّحدة، ولإدْراكِكُم بأنّ على العالم أن يتّحِدَ، وأنّ الإنسانيّةَ خُلِقَتْ لتكونَ عائلةً بشريّةً واحدة. ولكن، لماذا لم تستطيعوا مَنْعَ انتشار الأسلحة المُدَمّرة للأرض؟ لماذا سَمَحْتُم باستخدام القوّة لِنَزْعِ القوّة؟ لماذا أصبحتم الطَرَفَ الأضعف مع أنّه تمَّ اخْتِياركُم لتكونوا الطرف الأقوى؟
كم يبدو غريبًا دفاعُكُم عن أخطائكم بَدَلَ تَعْدادِ أعمالِكُم وإنجازاتِكُم؟ كُلُّكم تَسْعَون لتغيير العالم ولا أحد يفكّر بتغيير نفسه؟
هل تدركونَ بأنّ أحلامَ الذين ينامون على الريش ليست أجمل من أحلام الذين ينامون على الأرض؟ وهل تعلمونَ بأنّ قيمةَ الإنسان ليست بما وصل إليه بل بما يتوق لبلوغه؟
تذكّروا ما قاله جبران: «كيف تستطيعُ أن تغنّي إذا كان فَمُكَ مُمْتلِئًا طعامًا؟ وكيف ترفعُ يَدَكَ بالبركة إذا كانت ممتلئةً ذهبًا؟». وتذكّروا بأنْ تفعلوا للآخرين ما تُحبّون أن يفعله الآخرون لكم، ولا تفعلوا لهم ما لا تحبّون أن يفعلوه لكم!
العالمُ اليوم بحاجةٍ إلى أبطالٍ يعشقون الحياة ويرغبون في تنمية الموارد وصَقْلِ فِكْرِ الانسان وبناءِ البشر قبل الحجر، أبطالٍ يستطيعون رؤيةَ الحدث وما وراء الحَدَث.
العالمُ بحاجةٍ إلى بشرٍ يُقابلونَ الشرَّ بالخير، ويحوّلونَ الحربَ سِلْمًا، والتَرَحَ فرحًا، والإحباطَ أملاً، والظلامَ نورًا، والجهلَ عِلْمًا، والسلبيَّ إيجابًا. بذلك تغدو حياتُنا مغامرةً متجدّدَةً لا تنتهي، وسنحصُدُ ما زرعناه ونعيشُ ما أردنا تعليمَهُ للآخرين، ونزرعُ عند أولادِنا ما نحن نحلم به، وسيكونُ ماضينا حافزًا لنا حتّى نصنعَ مستقبلاً أفضل، فنستطيع أن نُرَدّد: كما في السماء كذلك على الأرض.
بقلم وائل سليمان