أعمل في شركةٍ منذ عشرين عامًا. تربطُنى علاقةُ عملٍ جيّدةٍ مع مديري صاحب الشركة. ولكن منذ السنة الماضية، مع إغلاقات كورونا والظروف الإقتصاديّة السيّئة التي نَتَجتْ عنها، والوضع العام غير المستقرّ، نشأت بيننا بعضُ الخلافات إذ أصبحت طريقتُهُ في التوجيه صعبةً وجافّة، ممّا صَعَّبَ تواصُلَنا، فتراكمت داخلي مشاعرُ التوتّر تجاهه.
في نيسان الماضي، علّق المدير على أمرٍ قمتُ به لمصلحة الشركة تعليقًا شديدًا وعنيفًا، فحاولتُ أن أوضحَ له الأمر ولم يسمع. حزنت جدًّا لما قاله، بخاصّةٍ أنّ لي مكانتي في الشركة وتأتي بعد مكانته، وأنا أعمل هناك بإخلاصٍ منذ أعوام. غضبتُ فعلاً، ولمدّة يومين رحتُ أسترجعُ في ذاكرتي المواقف المزعجة السابقة، فزاد غضبي، وأرسلتُ له رسالةً شديدة اللهجة حتّى يفهمَ بأنّني لم أعد أحتمل هذا الوضع، وأنّ كرامتي فوق كلّ شيء، وعليه أن يعمل لي ألف حساب. لم يُجِبْ بكلمةٍ على رسالتي هذه، فساد صمتٌ بيينا لمدة عشرة أيّامٍ كان مسافرًا خلالها، واقتصر التواصلُ بيننا على الحدّ الأدنى الضروريّ لتَسْيِيرِ العمل.
كنت في هذه الفترة أُصلّي إلى الله لكى أهدأ ويُرشِدَنى. ساعدتني الصلاة، كما التأمّلات اليوميّة وعيش اللحظة الحاضرة، فقرّرتُ أن أتابعَ عملي اليوميّ بنشاطٍ وإخلاص وأقدّمَهُ ليسوع مردّدةً “من أجلك يا يسوع”.
في هذا الوقت حان عيد ميلادي، فأرسل لي مديري رسالةَ عتابٍ اسْتَشَفَّيتُ من خلالها أنّه يُضمرُ لي مشاعرَ مودّةٍ واحترام. كنت مستمرّةً في الصلاة وطلبتُ من الله أن يستلمَ أموري ويساعدَني بعيشِ آلامي محوّلةً إيّاها لأعمال محبّة، واضعةً مصلحة الشركة والعمل في المرتبة الأولى.
بعد أن هدأت، أجبتُ على رسالة المدير برسالةٍ أشرحُ له فيها لماذا وصلتُ لهذه الحالة ولماذا كتبتُ الرسالة الأولى، واعتذرتُ في آخرِها عن طريقة تعبيري عن الغضب والحزن والقلق بينما كان يمكن أن أعبّر عنهم بالحبّ والإحترام الذى أحملُهُ له . تأثّر المدير بهذه الرسالة وغيَّر طريقةَ تعامُلِهِ وأصبح يتعاملُ معي بودٍّ واحترامٍ أكبر.
عفاف (مصر)