إخْتُتِمتْ الجمعيّة العامّة العاديّة السادسة عشرة لسينودس الأساقفة، بقدّاسٍ في بازيليك القدّيس بطرس، بمشاركة بطاركة الشرق الكاثوليك. وقد جاء في حديث البابا فرنسيس بحسب “فاتيكان نيوز”: “(…)من المهمّ أن ننظر إلى “المبدأ والأساس” الذي منه يبدأ كلّ شيء: محبّة الله بكلّ حياتنا ومحبّة القريب محبّتنا لأنفسنا. لا استراتيجيّاتنا، ولا حساباتنا البشريّة، ولا موضة العالم، بل محبّة الله والآخرين: هذا هو قلب كلّ شيء. ولكن كيف يمكننا أن نترجم اندفاعَ المحبّة هذا؟ أقترح عليكم فِعْلَيْن، حركَتَيْن للقلب أودّ أن أتأمّل فيهما: العبادة والخدمة (…)”.
وفي ٧ تشرين الثاني/ نوفمبر ٢٠٢٣ أرسلت رئيسة الفوكولاري رسالةً تشارك بها خبرتها في السينودس وقالت: “ما زلتُ مغمورةً بالأجواء الخاصّة للدورة الأولى للسينودس التي انتهت لتوّها والتي شاركتُ فيها، كما تعلمون. شهرُ “نعمة”، تَبِعَه كلُّ واحدٍ منكم أنتم المنتشرين في جميع أنحاء العالم باهتمامٍ ومشاركةٍ كبيريْن. الصمت، الإصغاء، المشاركة، الإهتداء… هذه هي بعض الكلمات التي تصف الخبرة العميقة التي عشتُها والتي غيّرت حياتي، وغَرسَت في روحي حبًّا جديدًا للكنيسة التي اكتشفتها من جديدٍ ك “أمٍّ” و “قلبٍ” ينبضُ للبشريّة.
في الإفتتاح، قال البابا إنّ المهمّةَ الأساسيّة للسينودس هي: “إعادة تركيز نظرنا على الله، لنكون كنيسةً تنظر برحمةٍ إلى الإنسانيّة”. وهذا هو أقوى درسٍ تعلّمتُه: أن أُركّزَ نظري على الله، الذي هو بالنسبة إلينا يسوع المصلوب والمتروك. بدونه لا توجد شركةٌ كاملة، ولا معنى للصراعات، والمآسي، والتفاهات التي يعيشها العالم اليوم.
إنّ تمرين السينودس الذي عشته خلال كّل تلك الأيام فتح لي آفاقًا جديدةً حول كيف يُمكننا، نحن المؤمنين، في وسط عالمٍ يبدو غيرَ مُبالٍ وكارثيّ، أن نصمت، وأن نتعلّمَ الإصغاء، وأن نُسائِلَ أنفسنا، لا من خلال التأكيدات الشخصيّة، بل من خلال العطيّة التي يحملها كلُّ شخصٍ في نفسه. لم يكن تنوّع الثقافة واللغة والوضع الاجتماعيّ عقبة، بل على العكس! أدركت إلى أيّ مدى يمكن لهذا أن يغيّرَنا. نعم، لقد تعلّمت أكثر قليلاً “فنّ الصمت”، الذي يسمح لنا بالإصغاء وتمييز ما يريد الروح القدس أن يرشدَنا إليه بشكلٍ أفضل.
كان هناك العديد من المواضيع التي تمّت تغطيتَها، والعديد من جلسات المشاركة في مجموعاتٍ صغيرة. لقد عشنا في الحوار لحظاتٍ عديدةٍ من التلاقي حول مواضيعَ مختلفة، لحظاتٍ من التبادل والإغتناء، فضلًا عن اختلاف الأفكار وتنوّع التعبير وفقًا لمختلف الثقافات والتقاليد. كان اختبارًا فريدًا من نوعه. لا أعرف ما إذا كان هناك منظّمةٌ في العالم مرّت بتجربةٍ مماثلة: الكرادلة والأساقفة والكهنة والرهبان والشمامسة والنساء والرجال والأشخاص المؤهّلون من مختلف الكنائس، ساروا معًا نحو كنيسةٍ أكثر جمالَا وسينودسيّة.
عدتُ بقلبٍ مليءٍ بالفرح، لأنّني أُعجبتُ حقًّا بالعمليّة نفسها. كانت مسارًا لم يهدف إلى إيجاد حلول، وإعطاء توجيهاتٍ في ما يتعلّق بالمواضيع التي تمّت مناقشتها، لأنّه في قلب هذه الدورة كانت المسيرة نفسها، كما قال البابا عدّة مرّات: “مسيرة صبورة وعارمة، تمّت مع كثيرين آخرين”.
لم يكن الإهتداء الذي شعرت أنّني أقوم به باستمرارٍ هو التفكير في كلّ ما تفعله الكنيسة ولكن في ماهيّة الكنيسة، بوضعي في المركز شغفَ إعلان الإنجيل ومحبّةَ الله للجميع.
“إنّ درب السينودس هو الدرب الذي ينتظره الله من كنيسة الألفيّة الثالثة” – هذا ما تمنّاه لنا البابا فرنسيس. أشعر بقوّةٍ بأنّنا، كعمل مريم، لا يسعُنا إلّا أن نستجيبَ لهذه الدعوة، بل يجب أن نشعرَ بها كدعوةٍ عاجلةٍ موجّهةٍ إلينا جميعًا. إنّ الموعد مع الإنسانيّة اليوم يطلب منّا تكثيف حياة الكاريزما الخاصّ بنا، الوحدة! أنا متأكّدةٌ من أنّ مسيرة الكنيسة هذه هي بركةٌ لنا وستساعدنا على إعادة تركيز حياتنا على ما هو أساسيّ، كي نتمكّن من أن نقدّمَ بتواضعٍ مساهمةَ موهبتنا، سواءً في المجال الكنسيّ أو للبشريّة”.
المدينة الجديدة