خواطر حول الزواج
لقد خلق الله رباطًا بين الرجل والمرأة لا يمكن حَلّه، ويجب ألّا يُحَلّ. الرجل يحتاج المرأة، والمرأةُ تحتاج الرجل، تربطُ بينهما علاقةٌ تولَدُ مع الحبّ، وهي في صميم مخطّط الله الذي خلق البشريّة لتكون عائلة، هو فيها الأب، ونحن الأبناء. نحن إذًاعائلة. وبالتالي فإنّ العائلة هي القاعدة الإلهيّة للتنظيم الإجتماعيّ.
تولدُ العائلة من الزواج. فهو ليس مجرّد احتفالٍ ومشاركةٍ في وليمةٍ أو رحلة، ومن ثمّ مشاجراتٌ على الميراث وغيره، ونوباتُ غضبٍ وضغائن، وتدميرِ الوحدة. هو سرّ، وليس أقلّ من ذلك، بِعَيْشِهِ، نصيرُ نحن المتزوّجون كهنة. فالخطيب والخطيبة عندما يتزوّجان يكونان الكهنة الذين يُديرون هذا السرّ العظيم.
الزواجُ هو تحقيقٌ للحُبّ. والحبّ، كما يقول المجمع الفاتيكانيّ، الحبُّ الشرعيّ بين الزوجين قد تبنَّاهُ الحُبّ الإلهيّ، أي أنّه صار جزءًا من الثالوث الأقدس. عندما نحبّ بعضنا في العائلة، يعيش الثالوث الأقدس في داخلنا، ونعيش نحن حياة الله. وبالتالي، فالحياة العائليّة هي مثل الكهنوت، إنّها حياةٌ مقدّسة، ومنزلنا هو معبدٌ كأجمل كاتدرائيّةٍ في العالم.
تقوم العائلة بأعظم ثورةٍ في العالم. اللهُ محبّة والعائلة محبّة، وهي تتكوّن من خلال الحبّ، الحبّ الذي يعطي الحياة. فهي تنمو لأنّ بين المرأة والرجل حبًّا يُقرّبُ بينهما ويُوَحّدُهُما. من خلال العروس والعريس يُكمِلُ الحبُّ عَمَلَ الخَلْق، واللهُ يستخدم الزوجين لتولَدَ الحياةُ في العالم.
رسالة “العائلات الجديدة” هي أن تكون في المجتمع موقدًا يشعُّ الحبّ. تبدأ هذه العمليّة الحيويّة في المنزل وفي العائلة التي تقوم برسالتها، فتساهم مع الله بعمليّة الخلق. الخالق خلق الحياة ونحن نتعاون معه لضمان استمراريّة الحياة. إيلادُ الأطفال استمرارٌ لعمل الخالق.
أنتم المتزوّجون، إذ تحبّون بعضكم طوال حياتكم، تعيشون شبابًا دائمًا، لأنّه ليس للحبّ علاقة مع التقدّم في السنّ، ولا مع العبوس والحزن، فهو ينتهي دائمًا في الفرح. قد نمرُّ بأيّامٍ صعبةٍ وبالعديد من التجارب، لكنّ الكلمةَ الأخيرة تكونُ للحبّ. الحبّ ينتصرُ على كلّ العقبات، على الحزن والملل. إنّه ينتصرُ حتّى على الشيخوخة: فمَعَهُ نحن لا نشيخ. حين نعيش هذه الروح، لا وقت ولا إمكانيّة لدينا لأن نصيرَ عجزة.
لا ولن تغيب الصعوبات والأحزان عن الأُسَر المسيحيّة، لكنّ الحبّ فيها يحوّل الألم إلى وسيلةٍ للفداء، ويجعلُ منه مادّةً للقداسة. عندما تعيش العائلة هذا السرّ بعمقه تصير بمثابة كنيسةٍ صغيرة. بمعاناتها تستكمِلُ آلام المسيح، وتساهم في بناء الكنيسة. إنّ الفرح والأخلاق وكلّ الطاقات تضيعُ سدًى إن لم يتمّ حملها إلى داخل حظيرة الكنيسة، بشكلٍ يستفيدُ منه الزوجان اللذان هما جزءٌ من جسد الكنيسة الواحد. نحن نعيش من أجل عائلتنا ومن أجل الكنيسة، التي هي العائلة الأكبر.

إيدجينو جورداني

Spread the love