زميلتي فى العمل ظروفها صعبة، وقد اكتشفتُ ذلك مؤخّرًا. تُوفّيَت والدتُها وهى صغيرة، وكانت لا تزال طالبةً في المرحلة الإبتدائيّة، ممّا أدّى إلى إصابتها بصدمةٍ نفسيّةٍ وعصبيّةٍ تتعالج حتّى يومنا هذا من آثارها.
طريقتها بالتعامل مع زملائها حادٌّ وعنيف، لا تستطيع التحدّثَ مع أحدٍ بلطف، فكان فريق العمل يشتكي منها لي باستمرار، فبِرأيِ زملائها هي لا تنجز العمل المطلوب منها، وتجيبُهم بطريقةٍ غير لائقة! كنت أستمع إليهم ولكن دون أن أحكم عليها، حتّى أنّها في إحدى المرّات، ومن تلقاء ذاتها، جاءت إلى مكتبي وطلبت أن تتحدّث إليّ. تركت أعمالي ورحت أصغي إليها بانتباهٍ كلّيّ دون أن أقاطعَها، فراحت تشتكي بدورها من زملائها وتدافع عن نفسها. تحدّثتُ إليها بلطفٍ وجعلتها تشعر بالأمان وبأنّني أتفهّمُ الصعوبة التي تواجهها، فأخبرتني بعفويّةٍ عن حياتها الشخصيّة والظروف التى تمرّ بها. وحين تكلّمنا عن شكوى زملائها، قالت وبهدوءٍ تامّ، إنّهم يطلبون منها أن تعمل الأشياء حسب طريقتهم وليس حسب قناعاتها هي.
أفهمني هذا الموقف أنّه عليّ دائمًا أن أنظر إلى الآخر، ذاك الذي إلى جانبي، بعيون الرحمة ومن دون أحكامٍ مسبقة، فأنا لا أعرف ما يمرّ به من عناءٍ وتحدِّيات، فأُعامِلُه كما لو أحببتُ أن يعامِلَني هو بدوره، فلكلٍّ منّا جراحُهُ وقصّتهُ الفريدة.
عفاف – مصر