تشرين الثاني ۲٠۱٦
“حوار الصحافة” حول ظاهرة الهجرة
في الوقت الذي تتعهّد فيه بمتابعة عملها بشأن ظاهرة الهجرة، تحاولُ مجموعةٌ من الصحافيّين وخبراء الاتّصالات من المناطق الأوروبيّة المختلفة (إيطاليا والمجر وألمانيا وسْلُوفِينْيا والنمسا)، تصويبَ المسار الأصليّ لظاهرة الهجرة عبر إبرازها وتفسيرها للصحافيّين، ولغيرهم من المهنيّين.
لقد عُقِدَتْ ندواتٌ مماثلة، في بعض المناطق المضطربة مثل بودابَسْتْ (المجر)، وأثينا (اليونان)، ومانْ (ساحل العاج)، ووارسو (بولندا). لقد تمّ الترويج لهذه الاجتماعات عبر “ناتْ وانْ” وهي مجموعةٌ دوليّة من المهنيّين تعملُ في خدمة الحوار والسلام بين الشعوب. بعد التحدُّث إلى خبراءٍ محليّين والوقوف على وجهات النظر المختلفة، تهدفُ هذه الاجتماعات إلى إنشاء شبكةٍ من صحافيّين ووسائِلَ إعلامٍ وخبراء اتّصالات ، ومُمَثّلي منظّماتٍ غير حكوميّة وأكاديميّين وأخصائيّين اجتماعيّين، تتعاونُ من أجل فهمٍ أفضل لظاهرة الهجرة وشَرْحِها وتوفير الحلول والاتّصالات اللازمة.
إنّها تجربةٌ أدَّت حتّى الآن إلى تطوير طريقة الاستماع ونموّ الاهتمام المشترَك بهذا الموضوع بين الصحافيّين أنفسهم وبين الصحافيّين والخبراء، وبين الصحافيّ والمهاجرين. أدركَ المشاركون أنّ لديهم الكثيرَ لِيَتعلّموه وأنّهم بحاجةٍ إلى تبنّي موقف “التواضع المهنيّ” عند مواجهة هكذا أحداث غير عاديّة. إنّه نمطٌ يُتيح لنا أن نفهم الخلفيّات التاريخيّة والثقافيّة والسياسيّة الكامنة وراء الهجرات.
إنّ التداول بموضوع ظاهرة الهجرة، وتظهيره عبر وسائل الاعلام، هو حاجةٌ ملحّة، للمجتماعات الأوروبيّة المختلفة وللمهجّرين، كي يفهموا بعضهم البعض، ويُقيموا حوارًا محترمًا يمكن أن يمثّل محاولةً جادّةً للتوصُّل إلى مفهومٍ مُتبادَل، وبالتالي وضع سيناريوهات محتملة للمستقبل.
وتأتي الندوة التي عُقدَتْ في لبنان، ما بين ۲٤ تشرين الثاني و۲٧ منه، في هذا السياق، للتركيز على ماهيّة الأسباب، التي تدفعُ بالناس إلى الفرار والهجرة. من خلال مشهد الحوار القائم على تقريب وجهات النظر بين بلدان الشرق الأدنى والأوسط مع بلدان أوروبا، ما هي تطلّعاتهم؟ وكيف يتصوّرون دورَهُم ومستقبلَهُم؟
جَمَعَت الندوةُ بين شخصيّاتٍ لبنانيّةٍ بارزة، مثل الوزراء السابقين طارق متري، إبراهيم شمس الدين ودِمْيانُس قطّار، وسيادة المطران المارونيّ سمعان عطاالله، كما ضمّت صحفايّين من دُوَلٍ أوروبيّةٍ عِدّةٍ ومن لبنان. عن صحيفة لوريان لوجورْ- لبنان، حضر صحافيّان السيّد فادي نون والسيدة جانين الجلخ. عن الفوكولاري، شارك بالْ توث، الرئيس العالميّ ل”ناتْ وانْ”، ورولان بوبون المدير الإقليمي المساعد في لبنان ، كريستينا مونتويا، متخصّصةٌ في علم الاتّصالات من جامعة صوفيا – كولومبيا، ، أندريا فْلِيمينْغْ عن إذاعة بافاريا (ألمانيا)، الصحافيّ والكاتب ميشال زَنْزوكّي رئيس تحرير المدينة الجديدة (إيطاليا)، ستيفانيا تانْسّيني (مديرة الاتّصالات في لوبيانو، إيطاليا)، وريماالسيقلي، رئيسة تحرير المدينة الجديدة في لبنان.
بالإضافة الى النقاشات والاستماع إلى المحاضرات المصوّرة التي تتناولُ وضعَ المهجّرين من النواحي الإقتصاديّة، والجغرافيّة والانسانيّة للسادة لويجينو بْرُوني خبيرٌ إقتصاديٌّ وأستاذٌ في جامعة لومسا في روما- إيطاليا، وباسْكْوالي فيرّارا سفيرُ إيطاليا في الجزائر، قام المشاركون بزياراتٍ إلى مركز استقبال اللاّجئين في الدكوانة تحت إشراف المفوضيّة السامية لشؤون اللاّجئين التابعة للأمم المتحدة (UNHCR)، ومركز التعليم الشيعيّ للسيّد إبراهيم شمس الدّين، وأحد المساجدحيث تمّ لقاء مع الشيخ محمّد النقري. وكذلك استضاف المتحاورون عددًا من اللاجئين من الجنسيّات السوريّة والعراقيّة وتعرّفوا إلى أوضاعهم ومعاناتهم. كما تعرّفوا إلى نشاطات الجمعيّة العالميّة كولمبيا وما تقدّمه من مساعداتٍ للاّجئين في المخيّمات.
هكذا وعن كثب تتمّ مقاربة الأمور وعرضها بطريقة فعّالة، كما هي، بعيدًا عن أيّ انحيازٍ تحريريّ وعن كلّ نميمة تنقل الكلام على جهّة الإفساد ولتسبيب الفتن. هي صحافةٌ حواريّة، وقد قال الفيلسوف غيّ لافون: “إنّ الهدف من الإتّصالات هو التغيير الذي أنشأه الحبّ الموجود داخل الإتّصالات نفسها”.