ثقةٌ عمياء
وقعَت نملتانِ عن طريق الخطأ في مياهِ النهر، فسَحَبَتهُما المياهُ حتّى ابتعدَتا عن حافّةِ الخلاص. وبينما هما تتخبّطانِ بقوّةٍ في الماء، وجدَتا ورقةَ شجرةٍ فتعلّقَتا بها، وصعدَتا إليها لتَحْتَمِيا من خطرِ الغرق. طال انتظارُهُما حتّى كادَتا تفقدا الأملَ بالعودةِ إلى برِّ الأمانِ. بعدَ ساعاتٍ من الهلعِ الشديد، مرّت نحلةٌ تطيرُ فوقَهُما، وبسرعةٍ كبيرةٍ تعلّقت نملةٌ بطرفِ النحلةِ وتمسّكَت بشدّةٍ حتّى تمكّنت من بلوغِ الضفّةِ رغم مقاومةِ النحلةِ لها. حزنَتِ النملةُ الأخرى وخافَت أن تُترَكَ وحيدةً في ذلكَ المكان، إلا أنّ صديقتها وعدَتها بأنّها ستعود لنَجْدَتِها. وثقَتِ النّملة بصديقَتِها وكانت تؤمنُ بأنّها ستعود لتخلّصَها، إلّا أنّ تلكَ النملة لم تذكُرْ وعدَها وفرّت دونَ عودة.
إنتظرت النّملةُ وحيدةً خائفةً تفكّرُ بطريقةٍ للخروج، لكن عبثًا، لم تتمكّن من ذلك. قبعتْ هناك فاقدةَ الأمل حتّى تراءت لها خشبةٌ صغيرةٌ تطفو على وجهِ الماء، يُحرّكها الهواء ببطءٍ نحوَها، وما هي سوى دقائقَ حتّى تمكّنت النملةُ من التقاطِها واستخدامِها كمجذافٍ لبلوغِ ضفّةِ النهرِ، ونَجَتْ هكذا بنفسها.
هكذا هي حياتنا، قد يصادفُنا أشخاصٌ يدفعوننا إلى اليأسِ وفقدانِ الثقةِ في الحياة، ولكن علينا أن نثقَ بأنَّ الله لا يُغلقُ بابًا أمامَنا إلّا ويفتحُ لنا مكانَهُ أبوابًا أخرى، فما علينا سوى متابعة مسيرة الحياة بثقة.
                                                                                                                                                          هلا قسطنطين
Spread the love