تضحيةٌ مجّانيّة
في هذه الحياة العديد من الناس الذين يعيشون بطرقٍ مختلفة، فبعضُهم من يعيشُ برخاءٍ وبعضُهم بعَوَز، والبعضُ الآخَر يعيشُ مَستورًا يكفي نفسه.
ماريو شابٌّ يعيش مع أهله الذين اعتادوا على تأمين ما ينقصه، يعملون ليل نهارٍ لتأمين ما يريد كي يكونَ كغيره من أفراد سِنِّه، فكان كلّما طلب من أهله شيئًا عملوا المستحيل لِتَلبية ذلك الطلب. لم يتعوّد ماريو أن يُردَّ طلبُه، وهذا الأمر جعل الأنانيّة تنمو في داخله، فكلّما كبر أكثر كانت طلباتُهُ تكبُر، حتّى وصل لمرحلةٍ كبيرةٍ من الأنانيّة دفعته لطلب أشياءٍ يعجزُ أهلُه عن تحمُّلِ أعبائها.
عندما كان صغيرًا كان أهله يعتقدون بأنّهم كلّما حقّقوا له أمنياته كلّما تعلّق بهم وأحبَّهم، وها هو أمامهم وقد أفسدَهُ كثرة الدّلال فلم يتعوّد منذ صغره على كلمة “كلاّ” أو “لا نستطيع”. إحتار الأهل بحالهم ماذا يفعلون، وقرّروا أن يُصارحوه بعَجزِهِم عن تأمين مُتطلّباته المُرهِقة، لكنّ المأساة كانت بردّة فِعلِ ماريو، إذ لم يتقبّل هذا الواقع وحاول أن يقومَ بتصرّفاتٍ كي يضغطَ بها أكثر على أهله ويَدفعَهم إلى الخوف عليه، فانقطع عن تناول الطعام وتوقّف عن الدراسة مُهدّدًا بأنّه لا يريد الذهاب إلى المدرسة. عندها عرف الأهل غلطتهم وبأنّهم لم يُحسنوا تربيتَه، فهُم زرعوا فيه كلّ هذه الأنانية.
بعد عدّة أعوامٍ توفّي أبو ماريو وبعدها بقليلٍ أمّه أيضًا، فبقيَ ماريو وحيدًا في هذه الحياة عليه أن يكافحَ كي يعيش. شاءت الظروف أن يتعرّفَ على فتاةٍ ويتزوّجَ بها. أنعمَ اللهُ عليه بخمسةِ أولاد. لقد أصبح ماريو مسؤولًا عن عائلةٍ كبيرة، وازداد الحملُ عليه، فبدأ يعمل ليل نهار حتّى بلغ درجةَ الإرهاق ووقع في مكان عمله. في تلك اللحظة تذكّر أهلَهُ ومدى تَضحِيَتِهم تجاهَه، لكنّه تأخّر كثيرًا كي يفهمَ قيمتَهم، لقد علم الآن أنّه لم يحصل على كلّ ما كان يريده لكنّ أهلَهُ قدّموا له كلّ ما يملكون. لن ينفَعَهُ ندمُه الآن ولن يتمكَّنَ أن يُضمِّدَ جرحًا أصبحَ تحت التراب. شعر حينها بدمعةٍ دافئةٍ تنسابُ لأوّل مرّةٍ على خدّه، وتحرقه كجمر نارٍ لا تنطفئ.
هذه سُنّة الحياة، يُقدّم الأهل لأولادهم كلّ ما يملكون وكلّ ما يستطيعون، ولكلّ إنسانٍ دورُهُ الذي سيعلّمه قيمةَ التضحية الصادقة المجّانيّة التي لا تنتظر ردَّ الجميل في المقابل. الأهل نعمةٌ ثمينةٌ فَلْنُقدِّرْها قبل فوات الأوان.
ماريو شابٌّ يعيش مع أهله الذين اعتادوا على تأمين ما ينقصه، يعملون ليل نهارٍ لتأمين ما يريد كي يكونَ كغيره من أفراد سِنِّه، فكان كلّما طلب من أهله شيئًا عملوا المستحيل لِتَلبية ذلك الطلب. لم يتعوّد ماريو أن يُردَّ طلبُه، وهذا الأمر جعل الأنانيّة تنمو في داخله، فكلّما كبر أكثر كانت طلباتُهُ تكبُر، حتّى وصل لمرحلةٍ كبيرةٍ من الأنانيّة دفعته لطلب أشياءٍ يعجزُ أهلُه عن تحمُّلِ أعبائها.
عندما كان صغيرًا كان أهله يعتقدون بأنّهم كلّما حقّقوا له أمنياته كلّما تعلّق بهم وأحبَّهم، وها هو أمامهم وقد أفسدَهُ كثرة الدّلال فلم يتعوّد منذ صغره على كلمة “كلاّ” أو “لا نستطيع”. إحتار الأهل بحالهم ماذا يفعلون، وقرّروا أن يُصارحوه بعَجزِهِم عن تأمين مُتطلّباته المُرهِقة، لكنّ المأساة كانت بردّة فِعلِ ماريو، إذ لم يتقبّل هذا الواقع وحاول أن يقومَ بتصرّفاتٍ كي يضغطَ بها أكثر على أهله ويَدفعَهم إلى الخوف عليه، فانقطع عن تناول الطعام وتوقّف عن الدراسة مُهدّدًا بأنّه لا يريد الذهاب إلى المدرسة. عندها عرف الأهل غلطتهم وبأنّهم لم يُحسنوا تربيتَه، فهُم زرعوا فيه كلّ هذه الأنانية.
بعد عدّة أعوامٍ توفّي أبو ماريو وبعدها بقليلٍ أمّه أيضًا، فبقيَ ماريو وحيدًا في هذه الحياة عليه أن يكافحَ كي يعيش. شاءت الظروف أن يتعرّفَ على فتاةٍ ويتزوّجَ بها. أنعمَ اللهُ عليه بخمسةِ أولاد. لقد أصبح ماريو مسؤولًا عن عائلةٍ كبيرة، وازداد الحملُ عليه، فبدأ يعمل ليل نهار حتّى بلغ درجةَ الإرهاق ووقع في مكان عمله. في تلك اللحظة تذكّر أهلَهُ ومدى تَضحِيَتِهم تجاهَه، لكنّه تأخّر كثيرًا كي يفهمَ قيمتَهم، لقد علم الآن أنّه لم يحصل على كلّ ما كان يريده لكنّ أهلَهُ قدّموا له كلّ ما يملكون. لن ينفَعَهُ ندمُه الآن ولن يتمكَّنَ أن يُضمِّدَ جرحًا أصبحَ تحت التراب. شعر حينها بدمعةٍ دافئةٍ تنسابُ لأوّل مرّةٍ على خدّه، وتحرقه كجمر نارٍ لا تنطفئ.
هذه سُنّة الحياة، يُقدّم الأهل لأولادهم كلّ ما يملكون وكلّ ما يستطيعون، ولكلّ إنسانٍ دورُهُ الذي سيعلّمه قيمةَ التضحية الصادقة المجّانيّة التي لا تنتظر ردَّ الجميل في المقابل. الأهل نعمةٌ ثمينةٌ فَلْنُقدِّرْها قبل فوات الأوان.
هلا قسطنطين