الملاك الصغير
لم يخطر لي يومًا أن أرويَ ما حدث ويحدث معنا…
عام ٢٠١٠ وُلدت طفلةٌ جميلة، في عائلةٍ صغيرة، لِتزيّنَ منزلها وتُدخلَ البهجة مجدّدًا إلى ديارها ولا سيّما أنّ فارق العمر بينها وبين أختها وأخيها يزيد عن ٢٠ عامًا… رأى الجميع في وصولها إلى عالمهم هديّة ثمينة، فهي فعلاً قَلَبتْ المقاييس رأسًا على عقب. إلّا أنّ فجأةً وعن عمر ثماني سنوات زارها مرض سرطان الرأس وخاضتْ معركتها معه… تألّمتْ وتعذّبتْ، ولكن رغم صغر سنّها كان الايمان سلاحها. غادرتْ هذه الدنيا، فعاد هذا الملاك الصغير إلى دياره إلى جانب الربّ في العام ٢٠٢٠. نعم، لقد كانت فعلاً الملاك الذي، بضعف جسده وقوّة إيمانه يتحمّل كلّ الصعاب، وكانت عبارة “مع آلامك يا يسوع” لا تفارق أوجاعها.
لكن، مَنْ قال إنّ الموت الجسديّ هو النهاية؟ قصّة آنّا-ماريّا في هذه الدنيا لا ولن تنتهي؛ صحيحٌ أنّ الفراقَ كأسٌ مُرّ، ولكنّنا تحلّينا بالشجاعة وأردنا أن نكونَ فاعلي خير بإسم ملاكنا الصغير. لذا بادرنا بتأسيس جمعيّة تحملُ اسمَها. بدأت التحضيرات اللازمة من أوراقٍ قانونيّةٍ ورسوم، لكن أدْرَكَنا وضعُ لبنان المتأزّم ونحن على أبواب معركتنا، فقرّرنا ألاّ نستسلم، وبدأ فريقُنا المتواضع يباشر بالأعمال الخيريّة، فانْهالَتْ علينا التبرّعات العينيّة، كما المساعدات الغذائيّة. لم نفهم للوهلة الأولى ما كان يجري وتدفّق كلّ هذه الإعانات، لكنّنا عرفنا لاحقًا أنّ الأميرة الصغيرة ترافقنا من حيث هي.
عديدةٌ وعميقةٌ هي الخبرات التي نعيشها وهذا ما عشناه مؤخّرًا مع فريقنا الصغير: لم يعد مخفيٌّ على أحدٍ بأنّ لبنان يشهدُ حاليًّا تدهورَ حالته الإقتصاديّة… لم يستطِعْ أحدٌ تأمين العلاجات الكيمائيّة لأمٍّ تعاني من مرضٍ سرطانيّ، لأنّه مع رفع الدعم عن الأدوية لم يعُدْ بإمكانها تأمين المبالغ الخياليّة وغير المتوقّعة. شعرنا كلّنا حينها بالإحباط وكنّا حائرين في أمرنا إلى أنْ قرّرنا عدم التراجع وحاولنا مساعدتها قدر المستطاع. وبعنايةٍ إلهيّة، بدأتْ التبرّعات تطرقُ بابنا وها قد استطعنا تأمين العلاجات كلّها إذ تفاجأنا بحصول هذه السيّدة، ودون أيّ سعيٍ مباشر، على خصم بنسبة خمسين بالمئة من كلفة العلاج لمرّةٍ واحدة، ممّا جعل المبلغ في حوزتنا يكفي لإنهاء جلساتها. وهذا ما دفعنا إلى تحقيق هذه المقولة: “إيد بإيد مْنبْني عالم جديد”…
قد نشعر بالتعب أحيانًا و بالعجز ربّما، لكنّنا نستذكر صلابة وإيمان ملاكنا آنّا-ماريّا، فنرتوي من أملها ورجائها، ونعود إلى نشاطنا وصلاتنا، ونسعى بإمكانيّاتنا المتواضعة، وإيماننا الجبّار كي نبقى إلى جانب المتألّمين، نزرع على وجوههم الفرحة مدركين بأنّ ملاكنا الصغير يبتهج قلبه فرحًا في كلّ مرّةٍ نمجّد فيها الخالق بأفعال محبّتنا.
عام ٢٠١٠ وُلدت طفلةٌ جميلة، في عائلةٍ صغيرة، لِتزيّنَ منزلها وتُدخلَ البهجة مجدّدًا إلى ديارها ولا سيّما أنّ فارق العمر بينها وبين أختها وأخيها يزيد عن ٢٠ عامًا… رأى الجميع في وصولها إلى عالمهم هديّة ثمينة، فهي فعلاً قَلَبتْ المقاييس رأسًا على عقب. إلّا أنّ فجأةً وعن عمر ثماني سنوات زارها مرض سرطان الرأس وخاضتْ معركتها معه… تألّمتْ وتعذّبتْ، ولكن رغم صغر سنّها كان الايمان سلاحها. غادرتْ هذه الدنيا، فعاد هذا الملاك الصغير إلى دياره إلى جانب الربّ في العام ٢٠٢٠. نعم، لقد كانت فعلاً الملاك الذي، بضعف جسده وقوّة إيمانه يتحمّل كلّ الصعاب، وكانت عبارة “مع آلامك يا يسوع” لا تفارق أوجاعها.
لكن، مَنْ قال إنّ الموت الجسديّ هو النهاية؟ قصّة آنّا-ماريّا في هذه الدنيا لا ولن تنتهي؛ صحيحٌ أنّ الفراقَ كأسٌ مُرّ، ولكنّنا تحلّينا بالشجاعة وأردنا أن نكونَ فاعلي خير بإسم ملاكنا الصغير. لذا بادرنا بتأسيس جمعيّة تحملُ اسمَها. بدأت التحضيرات اللازمة من أوراقٍ قانونيّةٍ ورسوم، لكن أدْرَكَنا وضعُ لبنان المتأزّم ونحن على أبواب معركتنا، فقرّرنا ألاّ نستسلم، وبدأ فريقُنا المتواضع يباشر بالأعمال الخيريّة، فانْهالَتْ علينا التبرّعات العينيّة، كما المساعدات الغذائيّة. لم نفهم للوهلة الأولى ما كان يجري وتدفّق كلّ هذه الإعانات، لكنّنا عرفنا لاحقًا أنّ الأميرة الصغيرة ترافقنا من حيث هي.
عديدةٌ وعميقةٌ هي الخبرات التي نعيشها وهذا ما عشناه مؤخّرًا مع فريقنا الصغير: لم يعد مخفيٌّ على أحدٍ بأنّ لبنان يشهدُ حاليًّا تدهورَ حالته الإقتصاديّة… لم يستطِعْ أحدٌ تأمين العلاجات الكيمائيّة لأمٍّ تعاني من مرضٍ سرطانيّ، لأنّه مع رفع الدعم عن الأدوية لم يعُدْ بإمكانها تأمين المبالغ الخياليّة وغير المتوقّعة. شعرنا كلّنا حينها بالإحباط وكنّا حائرين في أمرنا إلى أنْ قرّرنا عدم التراجع وحاولنا مساعدتها قدر المستطاع. وبعنايةٍ إلهيّة، بدأتْ التبرّعات تطرقُ بابنا وها قد استطعنا تأمين العلاجات كلّها إذ تفاجأنا بحصول هذه السيّدة، ودون أيّ سعيٍ مباشر، على خصم بنسبة خمسين بالمئة من كلفة العلاج لمرّةٍ واحدة، ممّا جعل المبلغ في حوزتنا يكفي لإنهاء جلساتها. وهذا ما دفعنا إلى تحقيق هذه المقولة: “إيد بإيد مْنبْني عالم جديد”…
قد نشعر بالتعب أحيانًا و بالعجز ربّما، لكنّنا نستذكر صلابة وإيمان ملاكنا آنّا-ماريّا، فنرتوي من أملها ورجائها، ونعود إلى نشاطنا وصلاتنا، ونسعى بإمكانيّاتنا المتواضعة، وإيماننا الجبّار كي نبقى إلى جانب المتألّمين، نزرع على وجوههم الفرحة مدركين بأنّ ملاكنا الصغير يبتهج قلبه فرحًا في كلّ مرّةٍ نمجّد فيها الخالق بأفعال محبّتنا.
إيزابيل ريشا